إيران هى الحل

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الثلاثاء 2 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

أثار الأكاديمى والبرلمانى الكويتى الدكتور عبدالله النفيسى ضجة كبيرة فى دول الخليج، بتأكيده أنه خلال زيارته لمصر منذ عدة أيام، سمع من مسئول كبير داخل القصر الجمهورى أن وزير الخارجية الإيرانى عرض على الرئيس مرسى مساعدات تبلغ 30 مليار دولار، وإرسال 5 ملايين سائح إيرانى سنويا، والمساعدة فى تشغيل 2000مصنع متوقفة عن العمل، مقابل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتسليم كل المساجد التى بناها الفاطميون فى مصر خلال العهد الفاطمى لإيران لإعادة ترميمها وتولى إدارتها، بالإضافة إلى إصدار صحيفتين داخل مصر وارسال 20 ألف طالب مصرى سنويا للدراسة فى إيران.

 

وقد يكون للخلايجة مبرراتهم القوية للتخوف من التمدد الإيرانى فى المنطقة، الذى لم يعد هناك ما يكبح جماحه خاصة بعد سقوط صدام حسين فى العراق، إضافة إلى أن البرنامج النووى الإيرانى جعل المنطقة كلها عرضة لحرب كبيرة قد تتورط فيها إسرائيل وأمريكا، وهو ما قد يهدد الأمن القومى ليس فى دول الخليج فقط، ولكن فى الكثير من الدول العربية المجاورة، بل وقد يجر المنطقة كلها إلى سلسلة حروب متتالية، قد تطيح بالعديد من الأنظمة العربية، وتعيد رسم الخريطة السياسية فى الشرق الأوسط كله، لصالح إسرائيل.

 

وقد كان لهذه المخاوف الخليجية صداها الواسع فى مصر، حيث انبرت العديد من القوى السلفية، للتحذير من غزو الشيعة لمصر، ومحذرين الرئيس مرسى من أن تقاربه مع إيران يهدد مصر بالتشيع، وبالقطع فإن هذه القوى السلفية تنطلق من الخلافات الدينية التاريخية بين السنة والشيعة، ولكن قصر ملف العلاقات مع إيران على ورقتى المخاوف الخليجية ونشر التشيع فى مصر، سوف يحرم مصر من فرص لتقوية مواقفها الاستراتيجية فى المنطقة، إذا ما نجحت فى خلق محور سياسى مع إيران يعيد صياغة موازين القوى فى المنطقة، واستطاعت التوصل مع إيران على تبديد مخاوف دول الخليج منها.

 

ومع ذلك، فإن إدارة الرئيس محمد مرسى لن تستطيع فى ظل معاركها السياسية الطاحنة مع خصومها من مختلف فصائل المعارضة، أن تلعب دورا إقليميا جديدا فاعلا مع طهران، ولن تستطيع تحطيم القيود الأمريكية ــ الإسرائيلية التى كبلنا بها السادات ومبارك، كما لن يستطيع مرسى، بدون تسوية أوضاع البيت من الداخل، أن يقيم تحالفا حقيقيا مع إيران يعرضه لخسارة الدعم الأمريكى الإسرائيلى لنظام الإخوان، بدليل أن الرئيس الذى كان ينادى بتحرير القدس وقطع العلاقات مع اسرائيل، عندما كان نائبا بالبرلمان، أصبح يتمنى لإسرائيل دوام التقدم والازدهار، بعد أن أصبح رئيسا، فى خطابه الكارثى لشيمون بيريز.

 

قد لا يكون الرئيس مرسى هو الرجل المناسب لبناء هذا التحالف مع إيران، لكن ما نحتاج الآن أن نناقشه ونتباحث فيه فى مصر، هو استلهام النموج الإيرانى فى مواجهة القوى العظمى، وقراءة تجربتها السياسية بشكل نقدى، بعيدا عن المخاوف الوهمية من خطط إيران لنشر التشيع فى مصر، فإيران قدمت نموذجا ــ لا يخلو بالطبع من الأخطاء ــ لبناء دولة قوية وعصية على الهيمنة الأمريكية.. وهو ما نحتاج فى مصر أن ندرسه بعمق وذكاء!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved