روسيا تحاول الاستحواذ على عملية السلام فى الشرق الأوسط

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الثلاثاء 2 أبريل 2019 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

فى أول تصريحاته كرئيس للحكومة الفلسطينية أشار محمد اشتية إلى أن دولا أُخرى وعلى رأسها روسيا ستؤيد معارضة الفلسطينيين إدارة ترامب بشأن «صفقة القرن». ولم يكن صدفة أن اشتية ذكر روسيا قبل كل الدول الأُخرى.
على مر السنين كررت روسيا الإعراب عن اهتمامها بالتدخل فى تسوية النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى لاعتبارات إقليمية وعالمية، بينها رغبتها فى استعادة مكانتها كدولة عظمى. هذا هو السبب الذى دفع وزير الخارجية الروسى لافروف إلى طرح فكرة إجراء مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين فى موسكو. وخلال سنوات اقترحت موسكو أكثر من مرة الدفع قدما بتسوية من خلال عقد مؤتمر فى موسكو، لكن إسرائيل فضلت أن تظل قيادة العملية السياسية فى يد الولايات المتحدة. ويكشف تجدُد الاهتمام الروسى الحالى بالنزاع سعى موسكو للتموضع فى الشرق الأوسط، كوسيط على خلفية تراجُع مكانة الولايات المتحدة فى العالم العربى. مثل هذا التحرك هو فى نظر روسيا بمثابة ربح صاف: تكلفته تكاد لا تُذكر بينما فوائده المتوقعة من أجل الدفع قدما بمكانة روسيا فى العالمين العربى والإسلامى، واضحة بالنسبة إلى الكرملين.
يتجلى سعى روسيا لتحقيق وضع الوسيط الدولى فى المبادرات بهدف تصوير نفسها كعنصر ضرورى فى أى عملية تسوية. يظهر هذا الأمر دائما فى آن معا وفور نشر مبادرات أمريكية. ففى سنة 2017 مثلا، ومع تقدم المباحثات بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أعلنت روسيا رغبتها، كعضو فى اللجنة الرباعية، فى الدفع قدما باتفاق. وفاجأت موسكو العالم بإعلان اعترافها بالقدس الغربية كعاصمة رسمية لإسرائيل، من دون اشتراط ذلك بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. ترافق ذلك مع تأييد روسيا المفاوضات المباشرة والإعراب عن اهتمامها بتقديم المساعدة للتوصل إلى اتفاق. وشدد الإعلان على أهمية دور روسيا بسبب عضويتها فى اللجنة الرباعية وفى مجلس الأمن.َ وانتقد لافروف أيضا «صفقة القرن»، مشددا على التزام روسيا بحل سلمى يستند إلى قرارات الأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية.
فى الأشهر الأخيرة، ومع تكاثر الحديث عن «صفقة القرن»، كثفت موسكو مساعيها من أجل الدفع قدما بمصالحة فلسطينية داخلية، عبر تكرار دعوتها الفصائل الفلسطينية إلى إجراء محادثات فى موسكو. «حماس» المستبعَدة بدرجات متعددة من جانب وسطاء كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، تريد روسيا أن تلمح لها إلى أنها مستعدة لإجراء حوار، سواء مع السلطة الفلسطينية فى الضفة أو مع الحكم فى غزة.
على سبيل المثال فى الشهر الماضى، ذهب مندوبو «حماس» إلى موسكو حيث تسنت لهم فرصة لعرض خطة بديلة لحل النزاع، بين مبادئها الأساسية معارضة «صفقة القرن» ورفض أى شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل. وعلى الرغم من أن هذه المبادئ ليست مهمة لإجراء مفاوضات مع إسرائيل، فإن طرحها فى موسكو يعزز سردية أن موسكو تحتل الصدارة لأداء دور الوسيط الوحيد القادر على التحاور مع كل الفصائل الفلسطينية، وخصوصا عندما تكون هذه الفصائل المختلفة موحدة فى معارضتها «صفقة القرن».
يتعين على الولايات المتحدة وإسرائيل الافتراض، بالاستناد إلى تجربة الماضى، أنه عندما سيقترب موعد تقديم «صفقة القرن» سيجرى مساران: الأول، من المحتمل أن يؤدى تجاهل روسيا إلى محاولة روسية لتجنيد لوبى عربى ودولى معارض لاقتراح الولايات المتحدة. ثانيا، من المحتمل أن تدفع روسيا قدما ببدائل خاصة بها لحل النزاع، يمكن أن يرى فيها الفلسطينيون أساسا للمفاوضات، مثل عقد مؤتمر فى موسكو، أو عبر مسار اللجنة الرباعية أو منصة أُخرى تضم روسيا كعضو فى «نادٍ» دولى.
فى مثل هذا الوضع، هناك احتمال حدوث سيناريو تبدو فيه إسرائيل، وليس الفلسطينيون، هى الطرف الذى يرفض الدفع قدما بالحل، وخصوصا فى ضوء حقيقة أن الخطة التى عرضتها «حماس» فى موسكو غير مجدية من وجهة نظر إسرائيل. على ما يبدو، لو أُتيح تشكيل إطار دولى للحل يشمل روسيا، مثل اللجنة الرباعية، قد ينجح ذلك. لأن روسيا تملك حاليا نفوذا كبيرا فى الشارع العربى، وترغب بشدة فى الانضمام إلى «نادى» الدول المرموقة.
يسرائيل هَيوم
باحثة فى معهد القدس للدراسات الاستراتيجية
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved