مواطن وضابط وحرامى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 2 مايو 2015 - 9:35 ص بتوقيت القاهرة

هذه واقعة نتمنى من المسئولين فى وزارة الداخلية سرعة التحقيق فيها حتى لا تكون سمعتها هى الثمن:

«م. أ. ب» مواطن مصرى يعمل موظفا، ويعيش فى منطقة الشيخ زايد بالإسماعيلية مع والدته وشقيقتيه.

فى الرابعة والثلث من فجر الاثنين الماضى كانت الوالدة تتهيأ للنوم بعد أداء صلاة الفجر لكنها فوجئت بطرق شديد على الباب، وعندما فتحت وجدت عشرة أشخاص، خمسة منهم ظلوا بالخارج وخمسة اقتحموا الشقة أحدهم ضابط برتبة نقيب، وسألوا عن ابنها، فقالت إنه نائم، فانطلقوا إلى حجرته وأيقظوه، قائلين: «قوم البس يا ابن.....، انت متهم بقيادة تشكيل عصابى لسرقة الشقق والموبايلات وستسجن لمدة عشرين عاما».

المواطن لم يكن يعلم إذا كان ما يراه كابوسا أم واقعا، وقال للضابط: يا افندم أكيد فيه غلط، أو تشابه أسماء أو بلاغ كيدى.
عند هذه اللحظة فوجئت الأسرة بالجنود الموجودين بالخارج يدخلون شخصا، تبين لاحقا أنه سجين بتهمة السرقة، وسأله الضابط: هل هذا المواطن هو قائد العصابة؟!.فرد اللص: نعم لكن شعره كان أقصر. سأل الضابط المواطن: أين الموتوسيكل الذى تسرق به، فأجاب بأنه لا يملك حتى رخصة قيادة، فرد: بسيطة نعملك رخصة؟!.

الضابط والجنود دخلوا غرفة الفتاتين، وبدأوا بالبحث عما قالوا إنه موبايلات مسروقة. الفتاتان أصيبتا بالرعب لأنهما منتقبتان وكل ما كان يشغلهما هو ستر نفسيهما بعد إيقاظهما بملابس النوم.

الضابط قال للفتاة: أين موبايلك فقال: هذا هو، فطلب منها أن تحضر «الكرتونة الخاصة» به حتى يتأكد أنه غير مسروق، فقالت له: هل هذا وقت مناسب لأبحث عن الكرتونة، ورغم ذلك وبعد بحث أحضرت الكرتونة. المواطن قال للضابط: والله أنا راجل محترم، ولدى دورة فى الغطس وأتعلم الإنجليزية، وأقاربى ضباط كبار، فرد الضابط: كل اللصوص لديهم أقارب مهمون.

بعد نحو ساعة من الرعب تم وضع الكلبشات فى يد المواطن، وقلب الشقة رأسا على عقب، والخروج به إلى قسم شرطة الإسماعيلية ثالث، واكتشف أن «هناك» بوكس أمام المنزل، والنتيجة أن كل العمارة وربما المنطقة تعتقد أنه حرامى موبايلات.

تم التحقيق معه مطولا والضغط عليه ليعترف بأنه زعيم العصابة. والرجل يؤكد أنه إنسان محترم. وكل ما يرجوه أن يتم تطبيق القانون عليه وليس الاعتماد على شهادة لص مدان بالسرقة.

أقارب المواطن تدخلوا وتم الإفراج عن المواطن والاعتذار له بعد التأكد أن الشكوى كانت كيدية.

هذه الأسرة فى حالة من الانهيار الكامل الآن، ويشعرون بأن كرامتهم قد انتهكت، وسمعتهم تدمرت وكل ما يريدونه هو معرفة من الذى قدم الشكوى الكيدية حتى يقاضوه.

عندما سمعت هذه القصة، سألت نفسى: لماذا يريد بعض الضباط اكتساب عداوة أسر كاملة مجانا؟!، ولماذا اقتحام المنزل فجرا وترويع أصحابه، خصوصا أن التهمة سرقة موبايل وليست تفجيرا إرهابيا؟.وإذا كان مواطن قدم شكوى ضد آخر، وبغض النظر عن صحتها فهل يكون اقتحام البيوت هو الإجراء الأول، وهل هناك دور لبعض أمناء الشرطة فى هذا الأمر لمجاملة آخرين؟!.

وهل تدرك وزارة الداخلية الخسارة الجسيمة التى تتحملها بسبب إجراء متهور مثل الذى حدث؟

بالمناسبة المواطن ليس إخوانيا، لكن كل أقاربه صاروا فى حالة عداوة مع كل ما يمت للشرطة بصلة. إحدى الفتاتين قالت: لم ير رجل وجهى منذ عشر سنوات، ولن أنسى ما حدث ما حييت، وكل ما أريده هو حقى.

تقول الشرطة إن الأخطاء التى تقع فردية، وأنا أصدقها تماما، وأعرف الكثير من ضباط الشرطة المحترمين. والسؤال: هل يمكن أن تعرف هذه الأسرة من الذى قدم الشكوى الكيدية ضدها؟، والأهم هل تطلب الوزارة من ضباطها وجنودها ألا يتورطوا فى سلوكيات، أو يعودوا إلى ممارسات ما قبل يناير 2011 والتى تجعل قطاعات كثيرة من الشعب تتعامل معهم باعتبارهم العدو؟!

أنتم ببساطة فى حالة عدواة مع كثيرين، ولا تحتاجون إلى عدو جديد، خصوصا إذا كان هذا العدو هو المواطن العادى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved