كيف تغير جائحة كورونا طريقة التفكير حول الأمن

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: السبت 2 مايو 2020 - 7:30 م بتوقيت القاهرة

نشرت مؤسسة German Marshall Fund of the United States مطالعة تتضمن آراء بعض خبرائها عن تأثير جائحة كورونا المحتملة على أمن حلفاء عبر الأطلسى.. نعرض منه ما يلى.

أزمة كورونا غيرت طريقة تفكير الشركاء عبر الأطلسى حول الأمن وظهرت مناقشات حول التداخل بين الصحة والأمن. لطالما وعت الحكومات بوجود التهديدات الأمنية البيولوجية، ولكن فى ظل معاناتهم فى الاستجابة لهذا الوباء الجديد، من المرجح حدوث تغير فى طريقة التخطيط والتنسيق ومواجهة التهديدات الناتجة عن الأوبئة.
تميل اللحظات الفاصلة مثل الأزمة الحالية إلى إعادة تشكيل فهم الحكومات والمنظمات الدولية عن الأمن. فبعد الهجمات السيبرية ضد استونيا سنة 2007، شغل الأمن السيبرانى الجزء الأكبر من نقاشات عبر الأطلسى. ما يواجهه الشركاء عبر الأطلسى اليوم سيغير من طريقة فهمهم لكيفية تأثير التهديدات البيولوجية والأمن الصحى على مجتمعاتهم.
يرى إيان ليسر ــ نائب الرئيس والمدير التنفيذى لمكتب مؤسسة «جيرمان مارشال» فى بروكسل ــ أن قد يكون أحد الأبعاد الهامة هو تأثير الأزمة على الجهات الحكومية وغير الحكومية المهتمة باستخدام الصحة كسلاح.. فقد تعمد الحكومات تأخير الاستجابة الطبية فى محاولة لإلحاق ضرر بالخصوم. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو الاهتمام المتزايد بالأسلحة البيولوجية من جانب الإرهابيين. فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر ركز الخبراء على تجميع المعلومات حول إمكانية أن تكون الجماعات الإرهابية اكتشفت كيفية استخدام الإرهاب البيولوجى. كانت هناك محاولات محدودة من قبل مجموعات متنوعة لتوظيف الجمرة الخبيثة وأمراض أخرى. لحسن الحظ، كشفت النتائج أن إحداث إصابات واسعة النطاق باستخدام أسلحة بيولوجية يتطلب تقنيات عالية وليس من المرجح أن يكون من ضمن التهديدات الإرهابية فى المستقبل. ومن المرجح أيضًا أن تزيد قدرة الأنظمة الصحية على الاستجابة للتهديدات البيولوجية فى أعقاب أزمة كورونا.
***
يرى «ديريك شوليه»، نائب الرئيس التنفيذى وكبير مستشارى سياسة الأمن والدفاع فى مؤسسة مارشال فى واشنطن، و«ستيفن كيل» الزميل فى برامج سياسة الأمن والدفاع فى المؤسسة بواشنطن، و«ميشل بارانوفسكي» مدير مكتب وارسو، أن الناتو كمنظمة تركز على الدفاع الجماعى، الاستجابات الوبائية قد لا تتلائم مع طبيعته.. ومع ذلك، فمن الواضح الآن أنها بحاجة إلى تحسين تخطيطها لذلك فى المستقبل. مع انتشار الأزمة، تكيف الناتو وارتجل.. وللمرة الأولى، عقد اجتماعا لوزراء الخارجية فى 2 أبريل فى مؤتمر آمن عن بعد. وعقد اجتماع افتراضى لوزراء الدفاع بعده بأسبوعين.. بعيدًا عن الاستجابة للوباء، قد تكون طريقة إجراء هذه الاجتماعات أساسية فى تحسين سرعة اتخاذ القرارات وقت الأزمات.
إن خبرة الناتو فى تنسيق اللوجستيات بين الحلفاء والشركاء هى ميزة نسبية تسمح له بتقديم مساهمات هامة فى الاستجابة للوباء.. تمكنت هذه البنية التحتية من تنظيم عمليات النقل الجوى الاستراتيجى وتسهيل توصيل الإمدادات الطبية إلى دول الحلفاء المتضررين. من الممكن أن يقدم ذلك إجابات على الأسئلة حول الغرض من الناتو ومن الممكن أن يخفف من التوتر الناتج عن بعض الاختلافات السياسية.
***
يقول «إيان والاس» ــ زميل فى مبادرة الابتكار الرقمى والديمقراطية بمؤسسة مارشال، واشنطن ــ أن فكرة توسيع نطاق «المخاطر» سمة لاستراتيجيات الأمن القومى تؤهل الحكومات للتعامل مع التهديدات من هجمات إلكترونية وتقلبات مناخية وأوبئة. ومع ذلك، فإن القدرات التى تم تطويرها لم تستطع مواجهة الوباء الجديد.. بسبب الدستور الأمريكى الذى يصب تركيز الرؤساء على السياسة الخارجية، مال الرؤساء إلى استغلال ما يوجد من قوى لإدارة التهديدات الخارجية على حساب بناء القدرات والاستعدادات الداخلية. لا يعنى ذلك أن الخطط غير موجودة، ولكن الأدوات المتاحة لهم ليست دائمًا مناسبة للغرض. يوضح ذلك حقيقة أن هناك تحديًا نظاميًا أكثر من مجرد الاستجابة للوباء.
قد يكون من أحد الجوانب الإيجابية للاضطراب الحالى الناتج عن كورونا هو إعطاء صدمة لصانعى السياسات ودفعهم إلى العمل وإعادة تخصيص الموارد وتطوير المؤسسات البيروقراطية. مع وجود كونغرس منقسم (مع سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب والجمهوريين على مجلس الشيوخ)، قد يكون من الصعب رسم مسار جديد لأى شيء. من المرجح أن تترتب على التداعيات السياسية آثار مهمة حول كيفية تنظيم الولايات المتحدة نفسها للتعامل مع التهديدات الناشئة، وفعاليتها فى القيام بذلك، وكيف تتعامل مع حلفائها وبقية العالم حول هذه القضايا.
***
يقول داريو كريستياني ــ زميل فى مؤسسة «جيرمان مارشال» بواشنطن ــ أن الدراسات أثبتت أن أصل الفيروس من الطبيعة، غير ناتج من المعامل. ومع ذلك، ومن منظور أمنى، فإن آثار هذه الأزمة بعيدة المدى. يمكن أن تكون الفوضى التى سببها الوباء حافزًا للمنظمات غير الحكومية والإرهابية للسعى بنشاط أكبر لحيازة قدرات غير تقليدية من أى نوع.
عزز عملية هجوم الغاز السام فى مترو طوكيو سنة 1995 من طموحات المنظمات الإرهابية فى تكرار هذا النوع من الهجمات.. فى التسعينيات، كان هناك تركيز كبير من قبل الجماعات الإرهابية على الحصول على الأسلحة البيولوجية وتسليحها، مثل الريسين، والبوتولينوم السام، والجمرة الخبيثة. ومع ذلك، فقد ثبت صعوبة بناء تلك القدرات.. لكن الوضع مختلف الآن لسببين رئيسيين:
أولا، يمكن للتكنولوجيات الجديدة أن تسهل «خصخصة العنف واسع النطاق»، مع إمكانية الأفراد شن هجمات لم تكن إلا فى وسع الدول شنها.. قد لا تكون قدرات الدولة الكبيرة ضرورية بعد الآن للحصول على العناصر البيولوجية والكيميائية وإنتاجها وتسليحها.
ثانيًا، ستؤدى أزمة فيروس كورونا حتمًا إلى تطوير مختبرات جديدة لدراسة وتحليل الأوبئة.. ولكن سيزيد انتشار تلك المختبرات من المخاطر مع زيادة احتمال وقوع الحوادث بها. قد يحاول الإرهابيون مهاجمتهم أو دس بها العلماء للعمل لحسابهم.
من المرجح أن ترى المنظمات الإرهابية ما يحدث الآن كحافز لاكتساب مهارات الأسلحة البيولوجية.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى: من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved