مشركاء لا فرقاء يا وطن

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 2 يونيو 2011 - 8:18 ص بتوقيت القاهرة

 أخطر ما يهدد الثورة المصرية هى تلك الشروخ التى ظهرت فى الصف الوطنى وعودة مفردات التخوين والتشكيك فى أحاديث القوى السياسية التى صنعت الثورة.

وإذا كانت الخلافات والاختلافات فى الرؤى والمواقف من بديهيات العمل السياسى، فإن تحول الخلاف إلى صراع ومحاولة للإقصاء والنفى يضع الثورة فى مأزق ويفتح الباب أمام سيناريوهات لا يريدها أى وطنى.

فقد بات بعض الثوار الآن أخطر على الثورة من «الفلول»، فالقوى السياسية والشعبية التى احتشدت وراء شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» يوم 28 يناير وظلت محتشدة حتى 11 فبراير بدأت تتفرق وراء شعارات مختلفة. فهؤلاء يرفعون شعار «الشعب يريد الدستور أولا» وآخرون وراء «الشعب يريد احترام الاستفتاء» وفريق ثالث يقول «الشعب يريد المجلس العسكرى». وما بين هذه الشعارات تاه هدف أهم وأبقى وهو ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية وتطبيع الحياة فى مصر بأسرع وقت ممكن فيعود كل مواطن إلى وظيفته الأساسية.

فللمتظاهرين والثوار وظائفهم ومهنهم غير التظاهر ولا يمكن أن تمضى الحياة وقد ترك مئات الآلاف من المصريين أعمالهم كليا أو جزئيا لكى يتفرغوا للتظاهر وللجيش مهمته المقدسة فى حماية تراب الوطن وحدوده ومكانه المعلوم فى الثكنات. وما وجوده فى الشارع للقيام بوظائف الشرطة وفرض احترام حظر التجول أو حتى ممارسة مهام الحكم إلا مهمة طارئة ويجب أن تظل كذلك ليعود الجندى فى أسرع وقت إلى موقعه العسكرى. فكل يوم يمر على القوات المسلحة خارج ثكناتها لا يفيد أحدا. ومن حسن الحظ أن القائمين على أمر هذه القوات يؤمنون بهذه الحقيقة ويؤكدون عليها باستمرار ومازالوا يدفعون فى اتجاه تسليم السلطة إلى حكومة مدنية فى أقرب وقت.

فى المقابل فإن الدفع فى اتجاه تمديد المرحلة الانتقالية بدعوى وضع الدستور قبل إجراء الانتخابات أو تأجيل الانتخابات لحين اكتساب القوى الثورية القدرة على المنافسة الانتخابية ينطوى على مخاطر تفوق بكثير أى مكاسب محتملة. فالتأجيل لشهور لن يؤدى إلى تغييرات واضحة فى خريطة القوى السياسية بالبلاد لأن بناء الشعبية عملية طويلة المدى لا تحدث فى أسابيع ولا فى شهور. لذلك، فلو كانت قوة الإخوان تتيح لهم الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان المقبل إذا أجريت الانتخابات فى سبتمبر ، فإنهم سوف يحصلون عليها إذا اجريت الانتخابات فى شهر مارس أو حتى فى سبتمبر التالى. ثم إن حصول الإخوان على الأغلبية وإن كان ذلك موضع شك كبير لن يكون تفويضا لهم بالانفراد بتشكيل لجنة صياغة الدستور على هواهم.

فتشكيل هذه اللجنة يجب أن يكون أمرا «فوق برلمانى» فلا ينفرد به البرلمان أيا كانت القوة المسيطرة عليه. وإذا لم يأت تشكيل اللجنة بالصورة التى تعبر عن كل مكونات المجتمع المصرى لضمان دستور يعبر عن الشعب كاملا ساعتها يمكن للجميع إعلان «ثورة الغضب الجديدة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved