متى نترجم حبنا للقدس عمليًا؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 2 يونيو 2019 - 10:05 م بتوقيت القاهرة

فى ساعة متأخرة من ليلة الجمعة وصباح السبت انعقدت الدورة الـ١٤ العادية لمنظمة المؤتمر الإسلامى على مستوى القمة بحضور كل أعضائها الـ٥٧، وبتمثيل رفيع المستوى، فى قصر الصفا بمكة المكرمة. شعار هذه القمة التى ترأسها العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز هو «يدًا بيد نحو المستقبل».

قمم ولقاءات منظمة المؤتمر الاسلامى، لا تلفت نظر الكثير من المراقبين والمتابعين، لأنها صارت شديدة التقليدية وكلمات ممثلى وقادة الدول الأعضاء والبيانات الختامية، صارت مكررة وروتينية، ومجرد حبر يدلق على الأوراق!!.

المختلف هذا العام أن السعودية دعت إلى قمتين بجوار القمة الإسلامية. وهى قمة للدول الخليجية الست، وقمة عربية طارئة. وبالفعل انعقدت القمتان مساء الخميس الماضى، واستمرت القمة العربية منعقدة حتى صباح الجمعة.

وفى وقت متأخر من مساء الجمعة شاهدت وقائع القمة على الهواء من ستديو مكتب قناة العربية بالقاهرة، واستمعت إلى كلمات غالبية رؤساء الوفود.

ما لفت نظرى أكثر فى هذه الكلمات هو أن غالبية، وربما كل هذه الكلمات، قد أكدت على التمسك بالقدس الشريف عاصمة لفلسطين، علما بأن قيام متطرف يهودى بإحراق المسجد الأقصى عام 1969 كان السبب المباشر فى تأسيس هذه المنظمة!

الملك سلمان قال فى افتتاح القمة: «فلسطين هى قضيتنا الأولى حتى يحصل الفلسطينيون على حقوقهم، التى كفلتها قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ونرفض بصورة قاطعة أى إجراءات تمس الوضع القانونى للقدس الشريف».

ما قاله الملك سلمان تكرر بصورة مختلفة فى كلمات بقية رؤساء الوفود، بل إن البيان الختامى للقمة، أكد على مركزية قضية فلسطين وقضية القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، ورفض أى قرار غير قانونى وغير مسئول باعتراف مزعوم، باعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل. وكذلك أكد البيان على الدعم المتواصل على جميع المستويات للشعب الفلسطينى بما فيها حقه فى تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشريف وضرورة حماية حق العودة للاجئين.

وطالب البيان بدعوة الدول التى نقلت سفاراتها إلى القدس إلى التراجع عن هذه الخطوة. كما ندد البيان وطالب بعدم الاعتراف بالقرار الأمريكى بضم الجولان للسيادة الإسرائيلية واعتبارها أراضى عربية محتلة.

هذا كلام جميل جدا ومقدر لكن اللافت فيه للنظر، أنه يتناقض والواقع على الأرض، حيث إن العرب والمسلمين يكادون يكونون قد نسوا القدس تماما!.

القضية الفلسطينية تعيش الآن أسوأ أيامها، وإذا كان العرب والمسلمون بهذا الحماس للقدس والقضية الفلسطينية، فما الذى أوصلنا إلى هذه الحالة، ولماذا تعربد إسرائيل فى المنطقة، ولماذا تجرأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، ولماذا أيد الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، ولماذا أوقف دعم بلاده لمنظمة الأونروا التى تدعم اللاجئين الفلسطينيين؟!.

السؤال: إذا كان هذا هو الموقف الحقيقى للدول الإسلامية، فلماذا لا نرى ترجمة لذلك على الأرض؟!.

ولماذا نرى سياسات العديد من الدول الإسلامية مختلفة تماما ومتناقضة مع ما يقال من خطب وتصريحات وبيانات ختامية للقمم العربية والاسلامية؟!

حينما نقل ترامب سفارة بلاده للقدس المحتلة، سمعنا رفضا إسلاميا لفظيا قاطعا للخطوة، لكن لم نر أى خطوة من أى دولة إسلامية، تعترض عمليا على هذا التصرف الأمريكى غير المسبوق؟!.

كل الرؤساء الأمريكيين منذ عام ١٩٩٦، كانوا يعدون فى حملاتهم الانتخابية بنقل السفارة للقدس. لكن ترامب تجرأ ونفذ القرار، حينما أدرك أن ردود الفعل ستكون مجرد بيانات شجب وإدانة، وحتى هذا الشجب خرج باهتا ضعيفا يومها، وكأنه مجرد تسجيل لموقف ورفع للعتب!.

إسرائيل تعربد فى المنطقة بدعم أمريكى سافر، وإيران تحاول الهيمنة، وتركيا تحتل أراضى فى سوريا، وتعبث فى العراق، ولا يمكن أن نلوم أحدا غيرنا «فمن يمت يسهل الهوان عليه..وما لجرح بميت ايلام»!!.

لم يكن ممكنا أن تظل القدس محتلة وسليبة إلا بسبب انقسام العرب والمسلمين، بل وانقسام الفلسطينيين أنفسهم بين فتح وحماس!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved