ما بعد الإخوان

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الثلاثاء 2 يوليه 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

بسيوفهم المسمومة، وأفكارهم الانتهازية المغموسة فى الوحل، يواصل الآكلون على موائد جماعة الإخوان المسلمين، حروبهم الشيطانية لتشويه ثورة الشعب المصرى، بالادعاء الفاجر بأن ثوار التحرير فى كل محافظات مصر الذين تعدوا الـ17 مليون مواطن مساء امس، هم من الفلول، وأن أنصار مبارك يحتلون ميادين الثورة، وأن الفريق الهارب أحمد شفيق يحركهم بالريموت كنترول من الإمارات، وتناسى هؤلاء الانتهازيون أن سقوط الإخوان لم يعد سوى مسألة وقت، لا أكثر ولا أقل، وأن عدم جاهزية البديل الواضح لهم هو السبب الوحيد فى استمرار بقائهم فى السلطة!

 

أما الذين يؤمنون فعلا بأفكار الإخوان ويدافعون عنهم بناء على قناعات مبدئية، فيرون أن إجبار مرسى على التنحى قبل أن يستكمل مدته الرئاسية سيشعل المزيد من الحرائق، وان إجباره على الرحيل سيتكرر مع اى رئيس يأتى بعده، وسيحيل حياتنا السياسية إلى فوضى مستمرة لن ننعم فيها بالاستقرار إلا أن هذا الرأى رغم وجاهته يتجاهل تماما عدة أمور أساسية، أهمها أن الرئيس فشل فى تنفيذ كل وعوده الرئاسية، وانه من الناحية الوظيفية أحال حياة الناس إلى قطعة من الجحيم، باستمرار الارتفاع الفلكى فى الاسعار، وتفاقم أزمات الوقود، وانشغاله عن حل ازمات الناس بأخونة الدولة والسيطرة على مفاصلها، مع عجزه التام عن مواجهة لمخاطر التى نتعرض لها فى سيناء، وسوء إدارته لأزمة سد النهضة الإثيوبى، والذى الذى أثار سخرية العالم، خاصة بعد مؤتمره الشهير فى القصر الجمهورى الذى أذيع على الهواء مباشرة بدون علم ضيوفه.

 

مالم يدركه الإخوان ــ حتى الآن ــ أن الملايين التى خرجت امس لن تترك لأى فصيل سياسى أيا كان توجهه، أن يتاجر بثورة 25 يناير، ولا ان يسرق احلام الناس فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فهؤلاء الملايين لم يخرجوا فى الميادين فى كل محافظات مصر ضد الإسلام وضد اى مشروع إسلامى يحقق لهم الحياة الكريمة، لكنهم خرجوا ليعلنوا بوضوح أن الإخوان المسلمين لا يمثلون صحيح الدين، وان الإخوان سرقوا ثورتهم، وتاجروا بها، كما أن قطاعا كبيرا من هؤلاء الملايين أعطوا أصواتهم فى الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس محمد مرسى، ليس فقط خوفا من وصول الفريق احمد شفيق لهذا المنصب، ولكن ايضا تحت آمال كبيرة بأن يستطيع مرسى تحقيق أهداف الثورة، وتحسين مستوى حياتهم، وهو ما فشل فيه مرسى فشلا ذريعا!

 

ومع أننى أرى ان على الرئيس مرسى اتخاذ القرار الصعب بتنحيه عن السلطة استجابة لصوت الملايين الهادر، وحقنا للمزيد من الدماء، فإن الدرس الكبير الذى ينبغى ان نتعلمه من احداث الأمس بكل ما صاحبها من عنف وأسفرت عن سقوط ضحايا أبرياء، هو البحث عن عقد اجتماعى جديد لا يقصى تنظيم الإخوان، بل يستوعبه ضمن مبادئ دولة القانون وثقافة المواطنة، فالقضية اكبر من سقوط رئيس، واكبر من انتخاب مجلس رئاسى، المسألة برمتها تتعلق بحق شعب فى الحصول على ثقافة العصر بدون أن يتخلى عن ثوابته الدينية.. وهى قضية المفكرين والمثقفين، قبل ان تكون قضية السياسيين، فبدون حل إشكالية الأصالة والمعاصرة، سنظل ندور فى نفس الحلقة المفرغة، وسنظل نكتوى بنار الجهلة والانتهازيين والآكلين على موائد الحكام، أى حكام!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved