المناصب الجامعية

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الأربعاء 2 يوليه 2014 - 4:15 ص بتوقيت القاهرة

يجرى التعامل مع أسلوب شغل المواقع: «التعيين» مقابل «الانتخاب» بطريقة إيديولوجية يغيب عنها النقاش السليم، وهو ما يحدث حاليا فى الحديث حول تعديل رئيس الجمهورية بعضا من مواد قانون تنظيم الجامعات، بما منح له سلطة تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات.

التعيين ليس كله استبدادا، والانتخابات ليست كلها ديمقراطية. من طبائع المواقع العامة، أن بعضها يشغل بالتعيين، وبعضها يشغل بالانتخاب. وفى مسألة تولى المواقع الجامعية فإن القاعدة المتبعة فى دول العالم المتقدم هى تعيين القيادات الجامعية، وليس انتخابها. لأن المناصب الجامعية أكاديمية، وليست سياسية، من يشغلها لابد أن يكون مؤهلا لها، لا أن يكون ممثلا لفئة معينة من السكان أو الممتهنين بمهنة معينة.

الانتخابات فى الجامعة لا تأتى بالأجدر علميا دائما، ولكن الأكثر قدرة على التعبئة، والحشد، وجمع الأنصار والمؤيدين. وبالمناسبة ليس هذا موقفا جديدا أتبناه، فقد سبق أن سجلته فى «الشروق» فى عددها الصادر فى 24 سبتمبر 2011 م فى مقال بعنوان «مزيد من الانغلاق للجامعة المصرية»، انتقدت فيه صراحة اللجوء إلى انتخاب القيادات الجامعية.

ولكن السؤال هو: من يعين رؤساء الجامعات؟

الأصوب، والأكثر تماشيا مع استقلال الجامعة، أن تتولى لجنة علمية تعيين رئيس الجامعة، وليس رأس السلطة التنفيذية ــ أى رئيس الجمهورية أسوة بما هو متبع فى خبرات دول أخرى. تتشكل اللجنة من أساتذة، ورؤساء جامعات سابقين، وشخصيات عامة، ومثقفين من داخل الجامعة وخارجها، تكون مهمتها اختيار رئيس الجامعة. وهناك ضوابط مهمة ينبغى أن تحكم عمل اللجنة منها: أن يكون المتقدم أكاديميا مرموقا، يمتلك رؤية لتقدم الجامعة، وأن لا يكون حزبيا. وتجرى اللجنة مقابلات مع قائمة مصغرة من المرشحين، ثم تتخذ قراراها بتعيين أحدهما لمدة معينة، قابلة للتجديد والمراجعة. واللافت للنظر أن هناك جامعات فى الخارج ترفض تعيين قيادات جامعية من داخلها، وتفضل أن تأتى من خارجها حاملة فكرا جديدا، ورؤية مختلفة. وبالتالى لم يكن موفقا ــ فى رأيى ــ أن نضع سلطة تعيين رئيس الجامعة فى يد رئيس الجمهورية، لأنه طالما أن دوره سينحصر فى الاختيار بين ثلاثة مرشحين اختارتهم لجنة من المختصين، ولن يكون له مطلق الحرية فى الاختيار، فالأفضل أن تتولى اللجنة العلمية نفسها هذه المسألة حتى لا تكون هناك شبهة تدخل من السلطة التنفيذية فى عمل الجامعة.

أما فيما يتعلق بتعيين عمداء الكليات، فالأوفق أن يكون بقرار من رئيس الجامعة، وفق نفس الآلية المتبعة فى الاختيار: تشكيل لجنة علمية، تلقى طلبات المتقدمين، فحص الطلبات وإجراء المقابلات، ثم اتخاذ قرار بتعيين المسئول الجامعى لمدة زمنية محددة.

فى كل هذه العملية لا مكان ــ فى رأيى ــ لوزير التعليم العالى، لأن الجامعة مؤسسة مستقلة، لها مجلسها، وقياداتها، ونظمها ولوائحها.

أتفهم أن التعيين يرتبط فى الأذهان بخبرات يُخشى أن تعود كان «الولاء» مقدما فيها على «الكفاءة»، ولكن العيب ليس فى مبدأ «التعيين» ذاته، ولكن فى الطريقة التى كانت تجرى ممارسته بها. وفى تقديرى أن مأساة الجامعة المصرية أكبر من حصرها فى طريقة اختيار رئيسها، وهو الملف الذى ينبغى أن نفتحه بجرأة، وشفافية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved