للأسف: الإرهاب ليس يائسًا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 2 يوليه 2015 - 10:55 ص بتوقيت القاهرة

بعد لحظات من اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات كان أحد مقدمى البرامج التليفزيونية يسأل ضيفه: ألا ترى أن هذا الحادث هو دليل يأس الجماعات الإرهابية وإفلاسها؟!
فى اللحظة التى سمعت فيها هذا السؤال تمنيت أن أقفز من مقعدى و«أنط فى كرش هذا المذيع»، وأمنعه ان يكمل برنامجه.

مثل هذا المذيع أو أى إعلامى أو سياسى آخر يردد مثل هذه الكلمات والعبارات غير الصحيحة أو الدقيقة، هو يضلل المواطنين بل ويمثل خطرا داهما على عقل ووعى المصريين بل يساعد عمليا الإرهابيين فى محاولتهم اسقاط البلد.
الإرهاب خسيس وحقير ودنىء وغادر ويمكننا ان نصفه بكل ما هو وضيع، لكن ونحن نحلل الأوضاع ينبغى أن نسمى الأشياء بمسمياتها.
عندما يتمكن مجموعة من الإرهابيين من اغتيال رجل بقيمة وأهمية النائب العام وأمام منزله وفى وضح النهار، فالمؤكد انهم ليسوا يائسين، بل هم بالأحرى فاجرون وقادرون.
لنقل انهم فقدوا عقولهم ورشدهم وانحرفوا عن صحيح الدين، لكنهم ليسوا يائسين، والدليل على ذلك انهم نجحوا للأسف فى الوصول إلى هذا الهدف الكبير.

هم خططوا وتحركوا وجندوا الناس وراقبوا ولغموا السيارة وفجروها وانسحبوا من المكان بهدوء وقتلوا الرجل فقط دونا عن بقية حراسه ومرافقيه، فأين هو اليأس، وإذا كانوا يائسين وهم يغتالون المستشار هشام بركات، فماذا سيفعلون إذا كانوا غير يائسين؟!.
بعد يومين من جريمة اغتيال النائب العام شن الإرهابيون هجوما متزامنا على مجموعة من الكمائن فى مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء وتمكنوا للأسف من ايقاع عشرات الضحايا فى قوات الأمن بل واستعرضوا قوتهم متحدين الدولة والمجتمع.
هذا الهجوم يكشف أيضا انهم ليسوا يائسين، بل لديهم القدرة على المبادرة والهجوم والتبجح.

خلاصة الموضوع انه ليس عيبا ان نعترف بأن عدونا وخصمنا قوى كى نتمكن من مواجهته بالصورة الصحيحة وبالتالى ننتصر عليه.
نتذكر أن بعض وسائل إعلامنا كتبت قبل نحو عامين انه سيتم القضاء على الإرهاب وإعلان سيناء منطقة خالية من الإرهاب خلال أسبوع. مر الأسبوع والشهر والسنة، ولم ينته الإرهاب بل هو يتقدم للأسف.
علينا أن نقول للناس الحقيقة دائما حتى نستطيع أن ننتصر على هذا العدو فى أسرع وقت ممكن.
العدو الذى نواجهه شرس وعنيد، لديه امكانيات هائلة ويتلقى دعما قويا من جهات خارجية كبيرة بعضها قريب وملاصق لنا «وأقصد هنا إسرائيل تحديدا»، وبعضها بعيد فى عواصم عربية وإقليمية ودولية والهدف ان تظل مصر منشغلة بما يحدث فى سيناء ومنكفئة على ذاتها بعيدة عن محيطها الطبيعى وهو امتها العربية.

بالمؤشرات التى نراها فى مصر والمنطقة، فإن المعركة ضد الإرهاب سوف تطول، نرى داعش يتمدد فى سوريا والعراق وليبيا ولا ينكمش، نرى الدعم يتزايد وبالتالى، علينا أن نعد الناس بالصورة الصحيحة حتى نتمكن من التعامل الصحيح مع هذا العدو.
الإعلام يتحمل جزءا كبيرا فى هذا الصدد، ليس مطلوبا منه ان يخدع الناس، والأفضل له ان يصمت إذا كان غير قادر على قول الحقيقة كاملة.
لكن ان يقول للناس إن الإرهاب الذى اغتال النائب العام وشن هجوما نوعيا فى الشيخ زويد يائس، فأغلب الظن أن الناس لن تأخذ هذا الإعلام مآخذ الجد وسوف تستدير إلى اعلام بديل يدس السم فى العسل.
سوف ننتصر على الإرهاب فى النهاية، لكن ليس مع وجود مثل هذه العقليات!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved