الإنذار الأخير!

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 2 يوليه 2021 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

يفترض أن تكون الرسالة المصرية إلى مجلس الأمن الدولى بخصوص سد النهضة الإثيوبى، بمثابة الإنذار الأخير من أجل التوصل إلى اتفاق قانونى وملزم ينظم آلية عمل وتشغيل وعملية ملء السد، قبل التحرك العسكرى للحفاظ على الحقوق والمصالح المصرية فى مياه نهر النيل، وإلا لن يفيد بعد ذلك البكاء على اللبن المسكوب.
الرسالة المصرية التى أرسلها وزير الخارجية لمجلس الأمن يوم 25 يونيو الماضى، جاء فيها أنه «بعد 10 سنوات من المفاوضات تطورت قضية سد النهضة إلى حالة تتسبب حاليا فى احتكاك دولى، وأن هذا الاحتكاك يمكن أن يعرض استمراره السلم والأمن الدولى للخطر، وعليه فقد اختارت مصر أن تعرض هذه المسألة على مجلس الأمن الدولى عملا بالمادة 35 من الميثاق».
وطالبت الرسالة المصرية بضرورة عقد جلسة عاجلة تحت بند الأمن والسلم فى إفريقيا، وأهابت بمجلس الأمن فى ضوء مسئوليته الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين أن ينظر فى التدابير المناسبة لضمان حل الأزمة بشكل منصف وبطريقة تحمى وتحافظ على الأمن والاستقرار فى منطقة هشة بالفعل وأن يتخذ التدابير لذلك.
الرسالة أشارت كذلك إلى المراوغة الإثيوبية بعد سنوات من المفاوضات، والفشل فى إجراء الدراسات المشتركة بشأن الآثار الاجتماعية والبيئية لسد النهضة، وعدم وجود ضمانات لدى مصر والسودان بشأن سلامة هذا السد الضخم واستقراره الهيكلى بما يثير القلق بوجه خاص لدى السودان التى تشغل عدة منشآت للطاقة الكهرومائية على طول النيل الأزرق أهمها سد الروصيرص، ولا يقل إثارة للقلق لدى مصر التى يمثل بالنسبة لها ضمان سلامة السد العالى فى أسوان والحفاظ على متانته وأدائه لوظائفه مسألة ذات أهمية قومية قصوى.
كان لافتا أن تتطرق الرسالة المصرية لمجلس الأمن الدولى إلى التحذير من «الاحتكاك الدولى» بشأن السد، وهو الأمر الذى يحمل فى طياته رغبة حقيقية لدى القاهرة بإيجاد تسوية سياسية ودبلوماسية للأزمة الممتدة منذ عشر سنوات، عبر تدخل دولى حاسم يحافظ على حقوق ومصالح الجميع، لكن يبدو أن رهان مصر بشأن قدرة هذا التدخل الدولى على حلحلة الأزمة ليس فى محله تماما.
فالمندوب الفرنسى ورئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن نيكولا دو ريفيير، قال إن المجلس سيجتمع على الأرجح الأسبوع الجارى لبحث النزاع بين السودان ومصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، لكنه أكد أن «المجلس ليس لديه الكثير الذى يمكنه القيام به بخلاف جمع الأطراف معا للتعبير عن مخاوفهم، ثم تشجيعهم للعودة إلى المفاوضات للوصول إلى حل». وتابع «لا أعتقد أن المجلس لديه الخبرة لتحديد كمية المياه التى يجب حصول كل دولة عليها»، وفقًا لما ذكرته فضائية «الجزيرة» القطرية.
الرد الفرنسى يقول بشكل واضح ولكنه غير مباشر، أن على القاهرة ألا تضع آمالا كبيرة على دور مجلس الأمن فى إيجاد حل لهذه القضية، وبالتالى ليس أمامنا سوى أن نعتمد على أنفسنا، ونتحرك بكل ما نمتلك من أدوات قوة للحفاظ على حق شعبنا فى الوجود.. فالمسألة لا تتعلق هنا بسد تريد إثيوبيا من ورائه الحصول على الطاقة الكهربائية لكى تستخدمها فى التنمية، وهى مسألة لا تعارضها القاهرة، ولكنها تريد خنق شعب مصر وتعطيشه بهذا الحاجز المائى الضخم.
مرة أخرى يجب أن يكون خيار القوة حاضرا وبقوة على الطاولة الآن وقبل أن يتحول السد إلى قنبلة مائية، من أجل منع إثيوبيا من إكمال مخططها لتعطيش مصر، ومحاصرة هذه الحضارة التى قامت على أرضها منذ آلاف السنين، وحماية حقوقنا التاريخية فى النهر وهو ما تكفله قواعد القانون الدولى. كذلك يجب على القيادة المصرية إدراك أن التاريخ سوف يتذكر لها هبّتها للدفاع عن شريان الحياة لمصر، وحرصها على حق شعبها فى الحياة، وعدم الاستسلام أمام الغطرسة الحبشية التى تريد أسر نهر النيل إلى الأبد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved