الحق فى الحياة على الطريقة الأمريكية

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: السبت 2 يوليه 2022 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

الولايات المتحدة الأمريكية هى بحق بلد التناقضات الحادة، ففى هذه الأيام الحاضرة انقسم المجتمع الأمريكى حول موضوع «الحق فى الإجهاض» فتقريبا نصف المجتمع مع هذا الحق بدعوى أن الجسد هو ملك للمرأة ومن حقها أن تعمل فيه ما تريده وطبعا لهم الحجج الاجتماعية والطبية والنظريات الفلسفية والاجتماعية الحديثة وذلك بقيادة الحزب الديمقراطى الذى يقوده الرئيس بايدن.

أما القسم الثانى من الشعب هو «من أجل الحياة» يرفض تماما هذا المنطق والإقدام على الإجهاض إلا لأسباب شديدة الأهمية مستندين إلى تعاليم الكنيسة فى هذا الشأن وفى مقدمتها الكنيسة الكاثوليكية (70 مليون أمريكى) وذلك بقيادة الحزب الجمهورى الذى يقوده فى الخلفية الرئيس السابق دونالد ترامب، ومناسبة هذا الانقسام هو حكم المحكمة الامريكية العليا أكبر درجة تقاضى الذى صدر الأسبوع الماضى وهى محكمة تفصل بين السلطات قد ألغت حكمًا سابقًا صادرًَا منذ خمسين عاما والذى أعطى الحرية للمرأة فى الإجهاض. واليوم ألغت هذا الحكم. وجرى الانقسام.

لا يخفى على أحد أن فى الخمسين عاما حصل تقدم علمى كبير معضدة بالصور عن الجنين الذى اكتمل نموه وبقلب ينبض وهذا التقدم العلمى والأدبى والأخلاقى هو الذى أفسح المجال لمعرفة أوسع عن حياة الجنين وبالتالى حكمت المحكمة الأمريكية العليا بحقه فى الحياة وأن إجهاضه هو اعتداء على حق من حقوق الإنسان الذى من حقه أن يعيش.

وللأسف «حق الحياة» أصبح موضوع صراع سياسى بين الشعب الأمريكى وأحزابه وسياسيه بل تعدى الاهتمام الأمريكى فى أن زعماء آخرين من العالم الذى يصف ذاته بـ «العالم الحر» وصفوا حكم المحكمة الأمريكية على أنه عودة إلى الوراء منهم بوريس جونسون رئيس وزراء إنجلترا والرئيس إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا وجاستن ترودو رئيس وزراء كندا وهو خرق للأعراف الدبلوماسية إذ من المفترض ألا يعلق زعيم أجنبى على أحكام قضائية فى بلاد أخرى ولكنها ألاعيب السياسة إذ يعضدون زميلهم وتاج رأسهم رئيس الولايات المتحدة الامريكية.

هذا المعسكر الديمقراطى ذاته يذرف الدموع على أطفال المدارس والشباب الذين يقتلون فى هجمات مسلحة على مدارسهم من قبل معتلين عقليا وبعدها يدعون إلى سن قوانين تنظم بيع السلاح وبعض أنواعه للمراهقين ويفشلون فى وسائل الضغط (اللوبى) لصالح بيع السلاح فهى أقوى من الحكومة وآلام الشعب والأخلاق ولا تسمح بتمرير هذه القوانين، فهكذا السياسة الامريكية التى تعمل لصالح المال والنفوذ ولا تعمل لصالح الشعب.

هذه الحكومة عينها هى التى انسحبت انسحاب الخزى من أفغانستان بدعوى عودة شبابها لذويهم ثم أعادتهم بعد شهرين إلى مناطق أخرى فى أوروبا للدفاع عن القارة العجوز من الغزو الروسى لأوكرانيا.
وهذه الحكومة والحكومات الديمقراطية الأخرى لا تستحى التدخل فى شئون الدول الأخرى بدعوى الحرية وحقوق الإنسان وهم أنفسهم لا يريدون سن قوانين لصالح الحياة، بل باسم الحريات يروجون لحضارة الموت وعلينا خاصة إعلامنا وشبابنا أن لا يتلقف مثل هذا الطعم بدعوى الحداثة والروشنة والتقدم، فهذه الأفكار ضد عقائدنا مسيحية كانت أو إسلامية وضد طبيعة الإنسانية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved