حرقوا الرضيع

محمد سعد عبدالحفيظ
محمد سعد عبدالحفيظ

آخر تحديث: الأحد 2 أغسطس 2015 - 6:00 ص بتوقيت القاهرة

على سعد دوابشة، رضيع فلسطينى لم يبلغ من العمر عاما ونصف العام، استشهد حرقا فجر أمس الأول الجمعة نتيجة إصابته بجروح خطيرة بعد هجوم شنه عدد من المستوطنين الصهاينة على منزل عائلته، بالزجاجات الحارقة، فى قرية دوما جنوب نابلس بالضفة الغربية بفلسطين.

حرقوا الرضيع مع أربعة من أسرته فجرا، وكتبوا على جدران المنزل المحروق باللغة العبرية «يحيا الانتقام»، و«انتقام المسيح»، قبل فرارهم.

العصابات الإسرائيلية، اعتدت خلال الشهور الأخيرة على منازل بقرية سنجل، وجنوب جبل الخليل وبلدة حوارة، أحرق المستوطنون فى تلك الاعتداءات البيوت فقط دون وقوع إصابات.

فى السنوات العشر الأخيرة نفذ المستوطنون الصهاينة نحو 11 ألف اعتداء على أهداف فلسطينية فى الضفة الغربية، شملت تلك الاعتداءات قتل ابرياء وتجريف أراضٍ وحرق مساجد، وفق ما أعلنه صائب عريقات أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية أمس الأول.

لم تحرك الأنظمة العربية خلال السنوات العشر ساكنا تجاه ما يحدث فى الأراضى المحتلة، وقفت موقف المتفرج أمام خطة التطهير العرقى التى تمارس بحق الفلسطينيين، فشجع صمتها المجرمون الصهاينة فى أن يطوروا اعتداءاتهم لتطول الأرواح، وتصل إلى حرق الأطفال أحياء.

حرق المجرمون الرضيع والحكام العرب فى غفلة، أسقطوا فلسطين وأهلها من حساباتهم، غرقوا فى أزماتهم الداخلية، وغرقت فيها ضمائرهم، لم يغضبوا لدموع طفل قتلت قوات الاحتلال أسرته، ولا لصرخة أم جمعت أشلاء أطفالها من تحت أنقاض منزل استهدفته المقاتلات الإسرائيلية، اكتفوا ببيانات الإدانة والشجب الجاهزة «فى درج المتحدث الرسمى».

مات على ضحية اتفاقية كامب ديفيد التى وقعها الرئيس المؤمن الراحل محمد أنور السادات، قبل 35 عاما، مع العدو الإسرائيلى، فصمتت مصر بعدها عن كل الممارسات الإجرامية التى ارتكبها «الصديق العزيز» فى فلسطين ولبنان.

دفع على دوابشة ومن قبله مئات الأطفال فاتورة الصراع بين سلطة رام الله وحكومة غزة، ذلك الصراع الذى أفقد القضية الفلسطينية زخمها، وقلل من تعاطف المجتمع الدولى مع أصحابها.

مات على ضحية رعونة قادة حماس الذين تعاملوا مع النظام المصرى الجديد باعتبارهم جزءا من التنظيم الدولى للإخوان، فاستعدوا المواطن البسيط ضدهم.

مات على بعد أن أدركت إسرائيل أن دول الطوق خرجت من معادلة المواجهة، فالزلزال الذى ضرب المنطقة لم تنته توابعه بعد.. سوريا تتداعى، والأردن يخشى من مصير جارته، ومصر تواجه «اشباح داعش» فى سيناء، وتسعى لاستعادة عافيتها، وبناء نظامها الجديد.

الكل ترك على يحرق مع أسرته، والمستوطنون الصهاينة ماضون فى مخططهم، لا يوجد ما يردعهم، أو يجبر حكومتهم على أن تعيد النظر فى دعمهم.

دماء على ستلاحق كل من اكتفى ببيانات الإدانة، ستلعن الصامتين، والشامتين، والمرجفين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved