«من الجانى»

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 2 أغسطس 2019 - 9:15 م بتوقيت القاهرة

لم يأخذ أحمد بدرحان حقة من الدراسات النقدية رغم وجود الكثير من البحوث والكتب عنه، لكن هذه الكتابات لم تقف عند جميع أعمال الرجل الذى كان شديد الحضور والتنوع، بالاضافة إلى رياديته، وحرصة على تقديم الجديد والمبتكر من فيلم لآخر.
ولا أستطيع أن أقول إننى معجب بفيلمه «من الجانى» الذى أخرجه عام 1945، وشاركت فى بطولته مجموعة من نجوم تلك الفترة، هو الذى كان من أوائل من منحوا أنور وجدى البطولة المطلفة فى سنة التحول الكبير فى حياته؛ حيث حصل فى العام نفسه على قرابة سبعة أدوار بطولة، وكانت بطولة أيضا للفنان عباس فارس الذى يحيرنى دوما بصوته الاصطناعى ذى الحشرجة فى بعض الأفلام، إلا أنه فى أدوار قليلة له بدا صوته طبيعيا للغاية، مثل «ا لبؤساء» و«النائب العام»، كان للصوت نبرة طبيعية تتناسب مع جلال الشخصية التى يجسدها، وبدا أكثر طبيعية، فى هذا الفيلم «من الجانى»، بدا عباس فارس الرجل الجشع الذى يحاول الاستيلاء على ميراث أخية الذى لم يكن عادلا فى توزيع التركة، وأمام هذا الطمع فإن زوجة الأخ الذى مات (أمينة رزق) قامت ياحضار طفل لقيط صار هو الوريث الشرعى للتركة، مثلما يردد البعض، فإن ابن الحرام هذا عندما يكبر (جسده محمود إسماعيل) تصرف برعونة كى يبدد الميراث الدى صار له عن غير وجه حق أنه موضوع تقليدى عما تفعل الثروة فى الناس، خاصة فى اطار العائلة الواحدة، حيث تنكشف النفوس، وبتعامل الفيلم مع المفاهيم التقليدية، فهذا الشرير هو ابن حرام، يبدد الثروة، ويتعامل مع أسرته خاصة أمه كأنه كان حاضرا يوم ميلاده وشهد كيف أخذوه من أهله الحقيقيين، فتعامل مع الأم بما يخالف الإنسانية وتقرب من عمه، وتقدم لخطبة ابنته، كأنما الثروة ستعود إلى أصحابها، ورغم الاسم البوليسى للفيلم فإننا لسنا أمام فيلم جريمة بالمعنى المتعارف عليه، رغم وجود القتل الخطأ ثم القيام بالقبض على الأم وقيام ابن الشرير بالدفاع عنها فى المحكمة حتى اكتشفت الحقيقة، أنه المحامى الذى ترك النيابة قد حكى كل شىء، والغريب أن القسم الأول من الفيلم تدور أحداثه فى المحكمة والعودة إلى أصل الحكاية، حتى إذا تم استنفاد الكثير من الحدوتة، وجد المخرج أنه ليس أمامه سوى أن يملأ الشاشة بالأغنيات، والمونولوجات لكل من إسماعيل يس وثريا حلمي، قام برقصات لسامية جمال فى السنة التى تنبهت السينما إلى موهبتها، ورأيناها هنا مجرد راقصة تقدم اسكتشات، وهناك سمة ملحوظة فى الفيلم من خلال ترتيب الأسماء، فأغلب من كانوا فى قائمة الكومبارس سرعان ما زحفوا إلى أدوار البطولة فيما بعد، ولعل هذا يجعلنى أتكلم عن أمر يخصنى فى التعامل مع الأفلام القديمة بمتابعة بيانات الفيلم، فكم من مونتير تحول إلى مخرج كبير، وكم من مساعدى إخراج ارتقوا حسب طبيعة المهنة، وآخرين ظلوا فى أماكنهم قبل أن يختفوا، أما الممثلون الصغار فزحفوا لقيادة النجومية وعلى رأسهم اسماعيل يس وسامية جمال وليلى فوزى وثريا حلمى.
أريد أن أقول هنا مع كل الاعجاب، إنه عندما اتجهت الممثلة نجمة ابراهيم إلى أدوار الشر، فهى هنا تبدو امرأة صعبة، جميلة توحى بالرومانسية وهى تقوم بدور الخائنة.. ورغم أنها مع أحمد بدرخان فإنك لا تكاد تحس بها، ولن تصدق أنها تقوم بأدوار الشر البارزة فى السينما المصرية، فى أفلام منها «أنا الماضى» و«ريا وسكينة» و«جعلنى مجرما»، حسب معلوماتى فإنها كانت تتمتع فى حياتها الهامة بخفة ظل ملحوظة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved