مصر وجنوب السودان وسد النهضة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 2 أغسطس 2021 - 7:50 م بتوقيت القاهرة

«على مصر ألا تفقد أصدقاءها فى القارة الإفريقية، وهى تحاول حل مشكلة سد النهضة مع إثيوبيا».
هذه العبارة قالها مناوا بيتر وزير الرى فى جنوب السودان. بيتر زار مصر لمدة أكثر من عشرة أيام لحضور اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، والتى انعقدت يوم الأربعاء الماضى.
خلال الزياة قابلت الوزير ثلاث مرات، الأولى فى مقر إقامته بأحد الفنادق الكبرى، بصحبة الزميلة سمر إبراهيم محررة ملف الشئون الإفريقية بالشروق. والثانية فى ندوة عقدها موقع «المدار» مساء الخميس الماضى، بدعوة من الصديق نشأت الديهى المشرف العام على الموقع. والثالثة خلال زيارة الوزير لدار الشروق مساء الأحد الماضى واستقبله المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة الشروق.
النقاش فى المرات الثلاث شمل العديد من الموضوعات، لكن بطبيعة الحال فإن موضوع سد النهضة كان هو الأساس.
جنوب السودان ليست جزءا من قضية السد. هى بعيدة عن النيل الأزرق، الذى ينبع من الهضبة الإثيوبية. هى دولة مصب للنيل الأببض، ودولة منبع حيث تسقط عليها كميات هائلة من الأمطار.
رسميا فإن موقف جنوب السودان الرسمى فى قضية سد النهضة جيد جدا ويؤكد على وجهة النظر المصرية الداعية إلى توقيع اتفاق قانونى وملزم بين البلدان الثلاثة.
وجهة نظر الوزير الجنوب سودانى تتلخص فى ضرورة ألا تجعل مصر قضية سد النهضة هى الأساس فى كل تعاملها مع القارة الإفريقية.
هو يرى أن انتماء مصر الأساسى هو الإفريقى، وأن مستقبلها ومصالحها مع هذه القارة، وأن هناك ضرورة لتوسيع وزيادة وتعميق العلاقات المصرية مع القارة الإفريقية خصوصا مع السودان وجنوب السودان، ثم دول حوض النيل نهاية بكل الدول الإفريقية.
تقدير مناوا بيتر أن مشكلة سد النهضة سيتم حلها بطريقة أو بأخرى، اليوم أو غدا، وأن إثيوبيا لن تكون قادرة على حجز المياه عن مصر بعد امتلاء خزان السد.
يقول الوزير إن غالبية الدول الإفريقية لديها علاقات قوية مع مصر ومع إثيوبيا، وأن مصر تحتاج لاستقطاب أكبر عدد من الدول الإفريقية فى صفها، حتى يمكن الوصول إلى اتفاق قانونى وملزم. هو يعارض تماما إعلام التحريض فى كل الاتجاهات ويرى أنه يعقد المشكلة ولا يحلها.
يقول أيضا، إن مصر دولة كبيرة جدا، ولا ينبغى القول إنها يمكن أن يتأثر وجودها بأى مشكلة حتى لو كانت سد النهضة، ويعتقد أيضا أن الاتحاد الإفريقى غير قادر على حل المشكلة، لأن آلياته ضعيفة، ولا يملك ما يمكن فرضه على هذ الطرف أو ذاك.
هذه هى وجهة نظر الوزيو مناوا بيتر، وخلال اللقاءات معه قلت له إننى أقدر كلامه وأفهم مراميه، وأقدر حبه لمصر، لكن قضية سد النهضة ليست قضية عارضة أو طارئة أو عادية لمصر، بل هى قضية وجودية، وإن لم يتم حلها بصورة عادلة فسوف تؤثر على وجودنا فعلا.
اتفق مع الوزير على ضرورة أن نعمق علاقاتنا مع كل الأشقاء الأفارقة، وأن نحاول إقناعهم بوجهة نظرنا العادلة، لكن حينما تنحاز دولة ما مثلا إلى الموقف الإثيوبى الظالم، فلا يعقل أن نغض الطرف عن ذلك، تحت منطق كسب الأصدقاء.
ولا ننسى أن موقف نظام عمر البشير السابق فى السودان كان سببا رئيسيا فى تصلب الموقف الإثيوبى. قلت للوزير أيضا حينما قال إنه تم حل ٩٠٪ من المشكلات فى سد النهضة، أن الـ١٠٪ هى الأخطر والباقى الذى تم الاتفاق عليه هو التفاصيل.
نحن أثبتنا حسن نيتنا طوال عشر سنوات من المفاوضات، لكننا لم نر من إثيوبيا إلا كل مراوغة وتعنت وتحدٍّ وصلف وعجرفة.
كل ما نريده هو اتفاق واضح لكيفية ملء وتشغيل سد النهضة خصوصا خلال سنوات وفترات الجفاف.
مرة أخرى أقدر كلام وزير الرى والموارد المائية فى جنوب السودان عن الطريقة الأفضل فى التعامل مع سد النهضة، ونقدر موقف جنوب السودان فى العديد من القضايا، ونتمنى أن تستمر علاقات مصر وجنوب السودان متميزة كما هى الآن، ولا تتعرض للهزات التى تتصف بها علاقات البلدان الإفريقية.
أتمنى أن أعود لاحقا للحديث عن محاور كثيرة فى اللقاء مع الوزير، خصوصا بشأن أهمية زيارة الرئيس السيسى لجوبا، وضرورة تعميق العلاقات الشاملة بين البلدين خصوصا الثقافية والإعلامية والشعبية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved