الصين تتوعد فهل ترضخ أمريكا؟

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 2 أغسطس 2022 - 7:10 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتبة مها محمد الشريف بتاريخ 2 أغسطس تناولت فيه الوعيد الصينى لأمريكا إذا زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكى، نانسى بيلوسى تايوان.. نعرض من المقال ما يلى.
يعد التغيير فى الساحة الدولية صعبا للغاية، لأنه يؤثر فى القوة الأحادية العالمية، ويصور بوضوح كيف يمكن أن يكون واسع النطاق، ليخلق رؤية ملزمة تناسب تطوير استراتيجيات جسورة تحول الرؤى الجريئة إلى واقع ملموس، ولغة واضحة تخاطب العالم الذى يموج بالاضطرابات، بأنه قد آن الأوان للحد من تصدير الأخطاء التى تؤدى إلى عواقب وخيمة.
وهذا يعنى أنَ الصين كقوة دولية تتوعد أمريكا فى حال قيام رئيسة مجلس النواب الأمريكى، نانسى بيلوسى، بزيارة إلى تايوان، فيما عبر مسئولون فى البيت الأبيض والبنتاغون عن قلقهم من الزيارة التى تشكل «استفزازا لا داعى له»، وتمهد لأزمة واسعة بين البلدين، التى تعتبرها بكين جزءا من أراضيها، متوعدة بضمها بالقوة إذا لزم الأمر، فالأمر أكثر عمقا من هذا، صوت الصين العالى جذب الانتباه، ويصعب تجاهله، حيث قالت الصين إنها مستعدة لإشعال حرب إذا أعلنت الجزيرة استقلالها، بمعنى أن الفجوة بينها وبين أمريكا من حيث القوة والتأثير تقلصت، وأنَها لا تقبل المساس بسيادتها.
فبعد أن غادرت بيلوسى، فى رحلة آسيوية من المحتمل أن تكون تايوان ضمن وجهاتها، ولكنَها استبعدت أخيرا من جدول الزيارة، إذ أتى ذلك بعد التحذيرات الشديدة التى أطلقتها الصين على مدى الأسبوع الماضى، حيث ذكرت التقارير الأمريكية أنَ الزيارة إلى تايوان ألغيت ومعها التكتم على تفاصيل الرحلة، بعد معارضة صينية شرسة، فهل قدرة أمريكا على الاستفزاز ليست كما كانت قبل عقود؟
يدرك القادة الصينيون جيدا أن طرق التجارة البحرية لبلادهم محاطة بقوى معادية من اليابان، تدعمها قوة عسكرية أمريكية جبارة، ومع ذلك، فإن الصين ماضية فى تمددها غربا باستثمارات مكثفة وتحركات مدروسة نحو التكامل من ناحية وتطورات تندرج ضمن إطار منظمة تعاون شنغهايا التى تشمل دول آسيا الوسطى وروسيا، حيث تقوم الصين ببناء نسخة عصرية معدلة عن طريق الحرير القديم.
وغالبا ما تظهر جدية تلك التحديات لاحقا، عندما تتفاقم الانفعالات وتعوق الحلول وتتسق مع التغيير المطلوب، أو تعديل أوجه القصور فى الأدوات المستخدمة، فاليوم شرق آسيا والتحركات العسكرية الأمريكية تمثل قلقا بالغ الأهمية، وذلك يترجم تحولات مدهشة لا تحتفظ بطابعها ومظهرها التقليدى.
فهل ترغب رئيسة مجلس النواب فى إظهار القوة، وطمأنة حلفاء الولايات المتحدة فقط، وأن لها موطئ قدم على ساحة الأزمة، خاصة أنها تخطط لاستخدام طائرة عسكرية فى رحلتها، التى يعتقد البنتاغون أنها قد تؤدى إلى تفاقم التوترات، وتُفسر من قبل بكين على أنه استفزاز أو عمل عدوانى بخلاف استخدام طائرة مدنية؟ ما من شك أن أمورا كثيرة تعتبرها بيلوسى فى مهب الريح، ولكنها ستقابل بتحامل صينى خطير وهو فى اعتقادى اختبار لقوة الصين أكثر من أنه استفزاز مؤقت.
هناك أسباب وجيهة تدفع للاعتقاد بأن تنظيم تدريبات عسكرية «بالذخيرة الحية» فى مضيق تايوان، وهى مبادرة تسبق الزيارة تخبر بأنَ الصين على استعداد لأى طارئ، حيث تعتبر تايوان، الجزيرة البالغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، جزءا من أراضيها وتعتزم إعادة توحيدها مع البر الصينى، من غير أن تستبعد استخدام القوة من أجل ذلك، فهناك شعور بالغضب.
من الملاحظ أن كثيرا من الرسائل يتم تبادلها فى الآونة الأخيرة بين القوى الثلاثة أمريكا والصين وروسيا، علما بأن الكرملين «متضامن» مع الصين فى خلافاتها مع أمريكا.
الخلاصة بعد هذا الشد والجذب وصل الأمر إلى نهاية مسدودة، اضطرت أمريكا إلى التوقف والتراجع والبدء من منفذ آخر، ومنحها فرصة لاتخاذ خيارات مصيرية بعدم التدخلات فى الشئون الداخلية لسيادة الدول، ورفع تكاليف العنف إذا أخلت بالعهود والمواثيق.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved