«مقدرش»..

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 2 سبتمبر 2022 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

تختلف الكتابات النقدية السينمائية عن نفس الفيلم أو عن الفيلم نفسه، من وقت لآخر بمعنى أن الكتابة النقدية الصحفية التى يقوم بها الناقد فور مشاهدته الفيلم الجديد للمرة الأولى، تختلف تماما فى آلياتها عن الكتابة حول نفس العمل بعد عدة سنوات، حيث يكون العالم قد تغير والرؤى قد تباينت وقد يكتشف الناقد أن هناك علاقات تماس كثيرة تخص الفيلم مع أعمال أخرى مثلا، «مقدرش» إخراج أحمد بدرخان 1945 وتمثيل كل من فريد الأطرش وتحية كاريوكا وحسن فايق، فإن الناقد الذى يكتب عنه فى الصحافة سوف يحكى بالضرورة قصة الفيلم ويعلق عليها بالإيجاب أو السلب لتشجيع المتفرج على الرؤية أو لفهم الفيلم قبل رؤيته، ولكن الآن بعد كل هذه السنوات الطويلة فإن إعادة الكتابة عن الفيلم نفسه لابد أن تدفع الناقد إلى المقارنة بين فيلم بدرخان هذا وبين ثلاثة أفلام أخرى تم إنتاجها فى السنوات التالية، الأول هو فيلم «قمر 14» 1950 إخراج نيازى مصطفى وبطولة محمود ذو الفقار وكاميليا، والثانى هو «أحبك يا حسن» إخراج حسين فوزى 1959 وبطولة شكرى سرحان ونعيمة عاكف، أما الفيلم الثالث فهو عام 1973 باسم «صوت الحب» بطولة حسن يوسف ووردة وعماد حمدى إخراج حلمى رفلة، كل هذه الأفلام الأربعة موضوعها واحد وهو عن امرأة شابة تقع فى حب شاب آخر، وتقترن به لكنه يواجه بعض العراقيل مع أسرته فتقرر الذهاب إلى بيت الأسرة وتقيم معهم مدعية أنها شخص غريب وتكشف للأسرة عن طريق السلوك أنها أنسب واحدة كى تتزوج ابنهم، كل هذه الأفلام تمت صياغتها فى إطار كوميدى موسيقى من فريد الأطرش إلى كاميليا، ونعيمة عاكف، ووردة، كما أن الأب، وليس الحبيب هو محور الشخصية الأساسى فى كل عمل، وهو الشخص الذى إذا غيَّر رأيه فى الفتاة فإن الزواج سوف يتم، وعليه فإن الاختلاف بين تلك الأعمال هى التفاصيل لكنها جميعا تدور فى إطار مسرحى يوحى بأن النص مأخوذ عن إحدى المسرحيات الشعبية الفرنسية، فالفيلم الأول يدور فى شقة الشاب وتقيم معه حبيبته ويأتى الأب لزيارة ابنه ويحاول مغازلة الفتاة وأن تكون عشقيته، إلا أنها ترفض بقوة ويكون شعارها «مقدرش» لتؤكد له أنها لا تحب أحد غير حبيبها، وسرعان ما تغير الأب ويوافق على أن يقترن ابنه بالفتاة المخلصة.
الشخصية نفسها أعادت تجسيدها نعيمة عاكف فى «أحبك يا حسن» التى تقيم مع خالها وصديقه فى غرفة صغيرة بأحد الأحياء الشعبية ويحاول والد الصديق إعادة ابنه حتى لا يعمل بالفن ويتولى أعماله، ويقوم بالدور استيفان روستى، يحاول هذا المحب مساومة الفتاة دون أن يعرف أنها حبيبة ابنه المخلصة، لكنها ترفض بشدة دون أن تستخدم نفس التعبير، «مقدرش»، وتتمنع تمنعا حقيقيا إلى أن يعرف الأب أن تلك الفتاة حبيبة ابنه فيوافق على أن يتزوجها.
يمكن أن نقول إن «أحبك يا حسن» هو إعادة أقرب إلى التشابه مع فيلم «مقدرش»، لأن الفتاة هنا لم تذهب إلى بيت الأسرة لكنها تقيم مع حبيبها فى مسكن متواضع والأب الذى يأتى بنفسه، لاحظ أنه شتان بين إداء حسن فايق واستيفان روستى.
أما التشابه الحقيقى فهو بين «قمر 14» و«صوت الحب» فهنا تكون المرأة زوجة تود أن تثبت لأهل زوجها بأنها جديرة بأن تكون منهم، وتأتى كاميليا من الإسكندرية وتعمل «كميريرة» فى البيت الكبير وترى الضغوط التى يتعرض لها زوجها كى يتزوج من فتاة أختارتها الأسرة له، وتقع تحت ضغوط إغواء من كل أفراد الأسرة بمن فيهم الأب.. أما فى فيلم «صوت الحب» فإن المرأة تذهب إلى بيت أسرة زوجها وتعمل ممرضة للأب طريح الفراش وتساعد فى شفائه، بينما يحاول أفراد من الأسرة الإيقاع بها عاطفيا حتى تتضح الحقيقة ويتم حل المشاكل العاطفية.
هذا أمر يحتاج إلى إعادة اكتشاف واتساع فى الكتابة والمقارنة خاصة كما رأينا فى مقالات سابقة أن السينما المصرية منغلقة على نفسها تماما من حيث الموضوعات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved