هل تساعد وسائل التواصل الاجتماعى الشباب فى التغلب على «الرهاب الاجتماعى»؟

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الجمعة 2 أكتوبر 2020 - 9:59 م بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة Beijing Review تقريرا، تناولت فيه سبب إحجام جيل من الشباب عن التواصل الاجتماعى وجها لوجه، كما ذكرت خطر الإفراط فى استخدام وسائل التواصل الإلكترونية.. نعرض منه ما يلى.
وفقًا لاستطلاع حديث عبر الإنترنت حول الاختلاط الاجتماعى أجرتهGuangming Daily، لـ 2532 شخصا. أفاد 97 فى المائة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع، أنهم يحاولون فى كثير من الأحيان التهرب من التواصل الاجتماعى، مدعين أنهم يجدون التفاعل مع الآخرين وجها لوجه أمرا محرجا. ويُنظر إلى هذا على نطاق واسع على أنه رهاب اجتماعى.

التواصل وجها لوجه لا يمكن الاستغناء عنه
اليوم، ما يسمى بالرهاب الاجتماعى بين الشباب بعيد كل البعد عن الاضطراب النفسى، لكنه أمر مثير للقلق لأنه يعد نفورا من التجمعات الاجتماعية. تفسير ذلك هو نشأة جيل من الشباب وسط تطور سريع لطريقة الاختلاط بالآخرين. فأولئك الذين ولدوا فى التسعينيات اعتادوا أن يكونوا بمفردهم. معظمهم الطفل الوحيد لأسرهم، وغالبًا ما تكون ذكريات طفولتهم مليئة بالوحدة. ثم أدت وتيرة التحضر السريعة إلى حصر معظمهم فى دائرة صغيرة من المجتمع، مما حرمهم من الروابط التقليدية بين الأقارب أو الجيران. علاوة على ذلك، اضطر بعضهم إلى مغادرة مسقط رأسهم فى سن مبكرة من أجل التعليم أو العمل. وبالتالى فإن تواصلهم مع عائلاتهم وأصدقائهم محدود. وفى الوقت نفسه، جعلت تقنيات الاتصال ومنصات الوسائط الاجتماعية مثل QQ وWeibo وWeChat وDouyin التواصل أكثر سلاسة من أى وقت مضى، الأمر الذى شكل بدوره أيضًا جيل الشباب.
إذن فإن القصة مختلفة تمامًا فى الفضاء الإلكترونى. حيث يمكن للناس التحدث مع بعضهم البعض فى أى وقت. حتى لو لم يلتقوا مطلقًا.
لكن السؤال الآن، هل سيساعد التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت فى تخفيف الرهاب الاجتماعى بشكل فعال؟ الجواب قد يكون لا. لنلقِ نظرة على صورة شائعة لعائلة تجلس فى غرفة. لا أحد يتحدث إلى الآخر، فهم جميعًا يلعبون على هواتفهم أو أجهزتهم اللوحية (التابلت). ويمكن رؤية الشيء نفسه عندما يجتمع زملاء الدراسة. وبالتالى يؤدى الاستخدام المتواصل لوسائل التواصل الاجتماعى إلى زيادة شعور الشباب بالوحدة. ولكسر هذه القاعدة، فإن السبيل الوحيد للخروج هو أن يجتمع الناس وجهًا لوجه.
نشر فى صحيفة «بكين اليومية للشباب» ما يلى: إن التقدم فى أدوات التواصل الاجتماعى أدى إلى انخفاض التواصل بين الشباب، فكلنا نرى المشهد الشائع للشباب الملتصقين بهواتفهم فى كل مكان. وفى الواقع، لا يعانى معظمهم حقًا من الرهاب الاجتماعى، بل هم قلقون فقط بشأن التواصل وجهًا لوجه مع الآخرين.
وتستكمل الصحيفة ما نشرته: يعد الالتقاء والتواصل نشاطين اجتماعيين عاديين فى العالم وهما قديمان قدم التاريخ البشرى نفسه. وفى عصر التقدم العلمى والتكنولوجى السريع هذا، لم تضعف رغبة جيل الشباب فى التواصل. على العكس من ذلك، فإن شغفهم يظهر الآن على منصات التواصل الاجتماعى المختلفة. حيث تتم إضافة الغرباء بسهولة إلى قوائم الأصدقاء على الفيسبوك، وقد حلت رسائل WeChat محل المكالمات الهاتفية. ولكن فى الوقت نفسه، أدى هذا الاعتماد المفرط على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعى إلى تضييق المساحة المتاحة للشباب لإجراء اتصال شخصى مع الآخرين.
لذلك يجب على الصغار مواجهة حقيقة أنه يتعين عليهم تعلم التفاعل بشكل جيد مع الآخرين وجها لوجه أو سيفوتهم تجارب قيّمة فى الحياة هم بحاجة إليها. فيمكنهم مساعدة المحتاجين، فيكتشفون سبب وجودهم وأهميتهم. المهم هو أنه يجب عليهم محاولة القيام بشيء ما على أرض الواقع، بدلا من قَصر أنفسهم على الفضاء الإلكترونى.

احذر من الإفراط فى الاعتماد على الفضاء الإلكترونى
يختلف الاتصال الاجتماعى الافتراضى كثيرًا عن التواصل فى الحياة الواقعية. على سبيل المثال، يبدو أن الاتصال عبر الفيديو يوفر فرصة للتفاعل بشكل مشابه للتواصل وجهًا لوجه، لكن الشاشة تمنع الأشخاص من التعرف على الشخص الحقيقى الذى يتحدثون إليه. فيمكن للأشخاص استخدام التنقية filters أثناء التحدث عبر الفيديو، حتى إذا التقوا ببعضهم البعض فى الشارع، لا يتعرفون على بعضهم البعض على الرغم من أنهم يتحدثون عبر الإنترنت كل يوم. وأولئك الذين يقاومون التجمعات يشتركون فى شيء مشترك: إنهم يخشون أن يكرههم الآخرون لما يقولون أو يفعلون. إنهم يخشون أن يتم انتقادهم من قبل شخص ما، ومن ثم سيشعرون بأنهم عديم الجدوى وبالتدريج يعزلون أنفسهم عن الآخرين.
بالنسبة لهذه المجموعة، فإن مفتاح التغلب على الرهاب الاجتماعى هو محاولة بذل قصارى جهدهم لتجاهل التقييمات السلبية للآخرين عنهم. يجب أن يتعلموا أن يفهموا أنه فى بعض الأحيان يحسدهم أولئك الذين لا يحبونهم. على أولئك الذين يعانون من الرهاب الاجتماعى أن يؤمنوا بأنفسهم أكثر من إيمانهم واهتمامهم بآراء الآخرين.
وأيضا بالرغم من أن الشبكات الاجتماعية يمكن أن تساعد فى تخفيف الشعور بالوحدة، إلا أن الإدمان عليها أمر خطير. حيث يقضى بعض الأشخاص وقتًا طويلا على مجموعات التواصل الاجتماعى، مما يؤدى إلى تضييع الوقت الذى يجب أن يقضوه فى العمل أو رعاية أسرهم. والنتيجة هى أن الصعوبات والمشاكل الواقعية تبدأ فى الازدياد.
باختصار، الشبكات الاجتماعية هى نعمة ونقمة. فعندما تسير جنبًا إلى جنب مع الحياة الواقعية بطريقة متناغمة، يمكن أن تساعد حياة الناس اليومية، ولكن إذا استخدمها الناس للهروب من الواقع والتواصل الشخصى، فيمكن أن تعطل الحياة.
أولئك الذين يخجلون من التواصل الاجتماعى يجب أن يعودوا إلى العالم الواقعى. فالسعادة الحقيقية تأتى من الحياة الواقعية. وحينما يتحدث الناس مع بعضهم البعض ويختلطون وجها لوجه، ستتحقق الإنجازات فى حياتهم الأسرية وحياتهم المهنية. فالتوازن بين الحياة الواقعية والافتراضية هو الشرط الأساسى لتحقيق معظم ما يرغب فيه المرء.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/3jlZlpY

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved