خطاب القوى المدنية يحتاج إلى مراجعة (1 ــ 2)

ناجح إبراهيم
ناجح إبراهيم

آخر تحديث: السبت 2 نوفمبر 2013 - 7:00 ص بتوقيت القاهرة

الخطاب السياسى والإعلامى للتيارات المدنية المصرية كان سلبيا وممزق الثوب وخاصة بعد ثورة 25 يناير.. ولم تفلح هذه القوى فى تصويب خطابها أو تصحيحه لأنها منشغلة باستمرار بالمواجهة مع الإسلاميين دون أن تتفكر لحظة فى مراجعة نفسها أو تطوير أفكارها.. فى الوقت الذى لا تكف عن مطالبة الإسلاميين بالمراجعة.

ويمكننى اختصار سلبيات الخطاب السياسى والإعلامى للقوى المدنية بشعبها المختلفة الليبرالية والاشتراكية واليسارية فى الآتى:

1 ـ احتكار الوطنية:

فهم يتحدثون عن الوطنية وكأن الله قد اختصهم بها دون سواهم.. ليقعوا فى نفس الخطأ الذى وقع فيه بعض الإسلاميين الذين يتحدثون عن الإسلام وكأنهم قد احتكروه دون سائر المسلمين.

وفى حقيقة الأمر فإن أكثر عوام المصريين قد يكونون أكثر وطنية وإسلاما وتجردا وإخلاصا من الطرفين.. إن بعض أقطاب التيارات المدنية لم يقدموا لأوطانهم وللمصريين شيئا إن لم يكونوا قد استفادوا من الوطن دون وجه حق.. وبعضهم لم يقدم صك التضحية للوطن طوال عمره رغم احتكاره المستمر لشعاراتها وهتافاتها.

2 ـ الانفصال المعيب بين الخطاب والواقع:

فخطاب بعضهم عن العدالة الاجتماعية لا يؤيده واقع حياتهم على الأرض.. فقد تجد الاشتراكى أو اليسارى مليونيرا أو مليارديرا ولم يؤثر عنه يوما رحمة أو شفقة بالفقراء واليتامى والمساكين ولم يشارك فى أى مشروع خيرى.. وقد يتحايل على الضرائب أو يحاول قدر الإمكان التهرب من مسئولياته تجاه وطنه وشعبه.. وقد يتعامل مع الفقراء باستعلاء أعظم من استعلاء الرأسمالى بكثير.. وقد تجد الليبرالى الذى يصدع الكون بمبادئ الليبرالية يؤيد دوما الممارسات الاستبدادية أو القمعية ويؤيد إقصاء الآخرين ظلما وعدوانا دون أن تهتز له شعرة.

3 ـ غياب المشروع:

فإذا طلبت من أى حزب مدنى أو قوة سياسية مدنية أى مشروع اقتصادى أو زراعى أو رياضى أو شبابى أو استثمارى أو تنموى متكامل فلن تجد مثل هذا المشروع.. وذلك لأن كل هذه القوى والأحزاب أنفقت معظم وقتها فى حرب وعداوة الإسلاميين.. وصدق من قال عن بعضهم «إن كراهيتهم للإخوان أكثر من حبهم لمصر».

وصدق د. فؤاد زكريا الذى حاول مراجعة مسار التيارات المدنية فقال: «ليس لدينا الآن مشروع وطنى سوى هدم مشروع الإسلاميين وإثبات فشله».

4 ـ القفز من نقد الإسلاميين إلى فقد الإسلام:

فالإسلام معصوم والإسلامى والإسلاميون غير معصومين.. ويجوز نقد الإسلاميين بالحق والصدق.. ولكن لا يجوز نقد الإسلام المعصوم.. وهناك حالة من التجاوز من هذه لتلك.. والقفز من النقد المباح للإسلاميين إلى نقد تعاليم الإسلام نفسها.. أو عدم اعتبار الدين مصدرا للقيم الأساسية فى المجتمع.. وخاصة ثوابت الشريعة التى لا تقبل التغيير.

5 ـ الخطاب الإقصائى:

مع أن أهم أفكار التيار المدنى هى المشاركة وعدم الإقصاء.. ولكن واقع الخطاب السياسى والإعلامى المدنى يصطدم مع هذه الفرضية.. فهو لا يستطيع أن يحيا ويزدهر إلا فى غياب الآخر الإسلامى أو بعد إقصائه.. والبعض يتشدد مع الإسلاميين فيطالب بتعميم العقاب عليهم.. أو يصف تيارهم العام والواسع بالإرهاب.. وينسى أن أول مبادئ القانون هو شخصية العقوبة.

وبعضهم لا يكتفى بإقصاء الآخر الإسلامى فى ميدان السياسية والمناصب.. ولكنه يقصيه أيضا من ساحات الفكر والثقافة والشعر والإبداع ويعتبر هؤلاء أنفسهم أنهم الوحيدون الذين نزل عليهم وحى الفكر والإبداع والثقافة دون سواهم.

والمتأمل لتاريخ مصر الحديث سيجد أنه لم يحصل أى مفكر أو مبدع إسلامى على أى جائزة رغم استحقاق الكثيرين منهم.. حتى العقاد كان يقول: «إذا وقعوا فى محنة أو مشكلة قالوا اكتب يا عقاد وإذا جاءت الجوائز ذهبت إلى طه حسين».

فأمثال العقاد ومحمود شاكر وطارق البشرى والمسيرى والرافعى أنكرهم قومهم وجحدوهم حتى أن المسيرى رفضت وزارة الثقافة علاجه على نفقة الدولة.

وللحديث بقية إن شاء الله

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved