مسئولية حلفاء أمريكا الدفاع عن أنفسهم

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الأربعاء 2 نوفمبر 2016 - 11:00 م بتوقيت القاهرة

خلال الأسبوع الماضى وجّه رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكى جيمس كلابر تحذيرا استراتيجيا علنيا إلى دول المنطقة جاء فيه: «الولايات المتحدة غير قادرة حقا على التأثير فى انتشار السلاح النووى، ولا نستطيع مساعدتكم فى مواجهة عدو نووى، وعلى كل دولة أن تتحمل المسوؤلية عن حماية نفسها».

جرى تمرير هذه الرسالة بين الأسطر فى خلال محاضرة ألقاها كلابر فى معهد للأبحاث فى نيويورك، أعلن خلالها أن محاولة حمل كوريا الشمالية على التخلى عن سلاحها النووى «باءت بالفشل»، بحسب تعبيره، وقال إن الولايات المتحدة سلمت بحيازة كوريا الشمالية للسلاح النووى. وقد فهموا بوزارة الخارجية الأمريكية المغزى الخطير لهذا الكلام فسارعوا إلى إعلان أن الولايات المتحدة مصرّة على تجريد شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووى، لكن من يصدقهم؟

لا يزال مسئولون كبار فى إسرائيل يتذكرون كيف شرح لهم رؤساء أمريكيون قبل عقد من الزمن أن كوريا الشمالية لن تملك سلاحا نوويا أبدا. واليوم يبدو الاتفاق النووى مع إيران نسخة جديدة من القصة النووية لكوريا الشمالية. وبالنسبة إلى إسرائيل فإن إعلان كلابر هو إشارة إلى تجدد السباق على السلاح غير التقليدى فى الشرق الأوسط. وفى تقدير المؤسسة الأمنية «الإسرائيلية» أنه فى اليوم الذى ستُرفع فيه القيود المصرفية عن إيران فإنها ستبدأ بقضم الاتفاق النووى، ولذا فإن الأنظار موجهة إلى ثلاث دول: مصر وتركيا، اللتان لن تتركا المنطقة لسلاح نووى فى يد قوة عظمى شيعية، وإلى السعودية التى اشترت حقوقا لقنبلة نووية من باكستان. لقد عاد الشرق الأوسط إلى سباق التسلح غير التقليدى، وفى إسرائيل بدأوا ينظرون بقلق إلى الحقبة الجديدة.

على صعيد السلاح الكيميائى فإن المنطقة فى بحر هائج. ففى نهاية أكتوبر 2002 أصيب العالم بصدمة عندما اتضح له أن 129 شخصًا بريئا قضوا بمواد كيميائية استخدمتها القوات الخاصة الروسية لمحاربة إرهابيين من الشيشان سيطروا على قاعة مسرح. هذه المادة القاتلة التى وصلت إلى سوريا مع الجيش الروسى يستخدمه اليوم، بشكل متكرر، الجيش السورى، بينما يتهم النظام السورى المتمردين باستخدام أسلحة كيميائية – وهو أيضا على حق.
ثمة خلاف فى الإعلام العربى بشأن من هى الجهة التى سمّمت 35 مواطنا فى حى الحمدانية فى حلب. يدّعى المتمردون أن سلاح الجو السورى ألقى براميل سامة، بينما يدّعى النظام السورى أن المتمردين هم الذين استخدموا قذائف سامة. وكانت اللجنة التى عينها مجلس الأمن للتحقيق فى استخدام السلاح الكيميائى أشارت فى تقرير رفعته إلى الأمم المتحدة نهاية أغسطس إلى انتشار استخدام السلاح الكيميائى فى القتال فى سوريا. وأكد تقرير منظمة منع انتشار السلاح الكيميائى التابعة للأمم المتحدة فى أكتوبر، مواصلة الحكومة السورية القيام بهجمات بالغاز السام.

وثمة تهديد بانتشار السلاح الكيميائى فى العراق أيضا. ففى الأسبوع الماضى نشرت الصحف الأمريكية صورا لجنود أمريكيين فى جنوب الموصل يرتدون أقنعة مضادة للغازات السامة. والخوف من استخدام تنظيم الدولة الإسلامية أسلحة كيميائية خلال المعركة على الموصل ليس نظريا، فقد عُثر فى إحدى القرى التى كانت تحت سيطرتهم على دلائل تشير إلى غاز الخردل، وتتحدث أجهزة استخباراتية غربية مطلعة عن وجود شخص عسكرى بين قيادى داعش فى الموصل خدم فى الوحدات الكيمائية فى جيش صدام حسين.

وهكذا تحول القتال الكيميائى فى الشرق الأوسط إلى أمر روتينى وعنصر ردع تملكه الدول العظمى فى مواجهة عناصر محلية تخزن أسلحة كيميائية أو تستخدمها بصورة خفية. ووصل هذا الردع إلى الذروة فى عام 2013، عندما هددت الإدارة الأمريكية بمهاجمة نظام الأسد إذا واصل مهاجمة مواطنيه بالوسائل الكيميائية، لكن حاليا لم يعد هناك وجود لهذا الإصرار الأمريكى، وحتى التعاون مع الروس قد انهار ــ ولم يعد هناك قوة عظمى تسيطر على المنطقة.

أليكس فيشمان
يديعوت أحرونوت

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved