أفكار «فريدمان» للمستقبل

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 2 نوفمبر 2021 - 9:45 م بتوقيت القاهرة

منذ أيام نشرت «نيويورك تايمز» مقالا للكاتب الشهير توماس فريدمان، تحدث فيه عن أفكار بشأن مستقبل الشرق الأوسط، وأهم ما ذكر هو الانتقال الآن من المقاومة إلى القدرة على التحمل والثبات. وذهب إلى أن هناك متغيرين أساسيين يُعيدان تشكيل الشرق الأوسط: الأول الانسحاب الأمريكى من أفغانستان، ومن الشرق الأوسط بأسره، والثانى هو تأثير الطبيعة الظاهر فى المنطقة، التى سماها «الطبيعة الأم». انطلاقا من هذين المتغيرين تتشكل المنطقة، وتتحقق شرعية الأنظمة السياسية فى مدى قدرتها على إدارة علاقات إقليمية جيدة من ناحية والصمود والمواجهة فى مواجهة التغيرات الطبيعية من ناحية أخرى.

ويرى توماس فريدمان أن تأييد الولايات المتحدة لحلفائها ــ أيا كانوا ــ أدى إلى حدوث مشكلات فى المنطقة، وتسبب فى نزاعات كثيرة مثل الأزمة اليمنية، والتمدد التركى فى شمال العراق وسوريا، والأزمة الليبية، وتمدد المستوطنات الإسرائيلية، وقد بدأ أوباما فى الانسحاب من المنطقة، وتعزز الأمر فى عهد ترامب، وأعلنه بايدن، ويعتبر فريدمان عدم رد الولايات المتحدة على الهجوم على منشآت النفط السعودية فى سبتمبر 2019، والذى يعتقد أن إيران تقف وراءه حتى لو ذكر اسم الحوثيين، إشارة واضحة على أن الولايات المتحدة اختارت الانسحاب من مشكلات الشرق الأوسط.

منذ أن أعلنت الولايات المتحدة انسحابها أو انكفاءها عن مشكلات المنطقة، ظهرت تحولات جديدة تمثلت فى التقارب بين محاور الخصوم، مثل المصالحة التى حدثت مع قطر وخروج العلاقات مع تركيا من جوف التجميد، والحوار بين السعودية وإيران، ومحاولة انهاء الحرب فى اليمن، والاتفاق على أهمية التسوية فى ليبيا، والعدول عن فكرة حل الصراع بالقوة، وتعمل مصر على تهدئة الأوضاع بين إسرائيل وحماس، وإعمار غزة، وتتحاور مع قطر وتركيا، وتمد الاردن جسور علاقاتها مع سوريا، ولأول مرة منذ عشر سنوات تجرى مكالمة هاتفية بين الملك عبدالله والرئيس بشار الأسد، وتوصف رسميا بأنها العلاقات بين الدولتين الشقيقتين، وقد اعطى الانسحاب الأمريكى من المنطقة مساحة للرئيس السورى قد يستعيد حضوره، وتسعى الاردن ومصر إلى دعم سوريا، وتقوية العلاقات مع العراق، حتى تحيد النفوذ الايرانى فى الدولتين. وهكذا، بدا واضحا أن الأعداء القريبين فى حالة حوار، والأصدقاء القريبين أيضا تتباين مواقفهم تجاه بعض القضايا. هذه سمة السياسة.

أما المتغير الثانى فى المنطقة فهو التغيرات المناخية، التى بدأت تطول آثارها الحياة والاقتصاد، فقد صارت منطقة الشرق الاوسط أكثر حرارة، وجفافا، وندرة فى المياه، وكثافة فى السكان. وتعيد أزمات الطبيعة تشكيل المنطقة. أزمة المياه فى الأردن التى زادت وارداتها من المياه من اسرائيل، وملوحة الاراضى وتآكل الشواطئ، ومعركة مياه النيل فى مصر. وقد تعود الولايات المتحدة مرة أخرى إلى المنطقة وسيطا للعلاقات بين الدول فى تحديات البيئة.
الشرق الأوسط الجديد تشكله الطبيعة، وبدلا من مفهوم الأرض مقابل السلام، قد يصبح ــ فى رأى فريدمان ــ السلام مقابل المياه، وتنشأ علاقات جديدة حول سياسات الطبيعة، والتغيرات المناخية، وتظهر آفاق جديدة فى انتاج الطاقة الشمسية، والغاز، وتحلية المياه، ونكون بصدد علاقات جديدة فى منطقة عتيقة عصرتها الصراعات.
مقال ممتع، وبه أفكار مهمة، وتفكير فى المستقبل نختلف أو نتفق معه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved