الوطنى الذى أفسد الوطن

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 2 ديسمبر 2010 - 10:00 ص بتوقيت القاهرة

وجود جماعة الإخوان المسلمين لم يفسد الحياة السياسية كما قال محمد كمال، أمين التثقيف فى الحزب الوطنى بل أفسدها حزبه الذى أفسد الحياة فى مصر وأعادها إلى «عصر الظلمات». ربما كان استمرار وجود جماعة الإخوان المسلمين وهى أكبر قوة شعبية فى مصر بعد ناديى الأهلى والزمالك دون إطار قانونى واضح، يشكل عقبة فى طريق تطور النظام السياسى للبلاد، غير أن وجود الحزب الوطنى بحالته الراهنة ينسف أى فرصة أمام هذا التطور.

فعندما تجرى حكومة الحزب الوطنى انتخابات استبقها الحزب وإعلامه «الملاكى» بالصراخ حول ضرورة تشجيع الأحزاب الشرعية والمشاركة الإيجابية ثم تأتى النتيجة تزويرا يشهد بها القاصى والدانى وينفيها فقط أبواق الحزب سياسيين كانوا أو إعلاميين، فإن مصر تكون عادت إلى الوراء أكثر من نصف قرن. الانتخابات التى لم يقل بنزاهتها إلا المستفيدون من نظام الحكم أسفرت عن خروج كل رموز المعارضة فى الدورة السابقة وسيطرة الحزب على نحو 90% من المقاعد، ما يعنى العودة بالبلاد إلى نظام «الحزب الواحد الأحد» صاحب السيطرة المطلقة على كل المقدرات بعد أن تصور البعض منا أننا اقتربنا من وداع هذا النظام وأصبحنا قاب قوسين من نظام متعدد.

لا يمكن لإنسان عاقل أن يقبل بنتيجة الانتخابات التى لم تخل دائرة واحدة فيها من التزوير والتلاعب لكى يسيطر الحزب الحاكم على أكثر من 90% من المقاعد رغم أنه لم ينل أكثر من 30% من المقاعد فى الانتخابات السابقة رغم أن كل المؤشرات تؤكد تدهور الأوضاع خلال السنوات الخمس الماضية.

المفارقة أن حزبنا الوطنى الحاكم اكتسح الانتخابات التى جرت فى نهاية عام شهد وفقا لأرقام الجهات المعنية أكثر من 500 احتجاج شعبى وفئوى ووصول أسعار السلع الأساسية إلى مستويات فلكية واستمرار معدل البطالة فى الارتفاع وفقا لأرقام الأجهزة الحكومية وانهيار الخدمات العامة وتفشى الفساد بصورة غير مسبوقة وتورط العديد من رموز الحزب الحاكم فى فضائح فساد تبدأ بالقتل ولا تنتهى بالاستيلاء على أموال علاج الفقراء وأراضى الدولة.

لذلك فالقبول بنتيجة انتخابات تعطى للحزب الوطنى كل مقاعد مجلس الشعب إلا قليلا ويفوز فيها رئيس حزب معارض تطارده الشبهات أينما حل، يعنى أن الشعب غير ناضج لا يستحق الديمقراطية كما وصفه رئيس الوزراء أحمد نظيف قبل ذلك. ولكن لأن الشعب المصرى هو شعب ناضج مارس حقوقه السياسية منذ أكثر من قرن من الزمان فإنه لا يمكن القبول بتلك النتائج إلا باعتبارها نتيجة أكبر عملية تزوير فى التاريخ.


هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved