حرب نتنياهو

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الجمعة 2 ديسمبر 2022 - 8:20 م بتوقيت القاهرة

فى ذروة اعتداءات المستوطنين فى الخليل قبل أسبوعين تقريبا، وصل إيتمار بن غفير إلى الحرم الإبراهيمى وحاول الدخول مع مسدسه. جنود «حرس الحدود» الذين كانوا هناك منعوه، استنادا إلى الأوامر المتبعة منذ نفّذ بطله باروخ غولدشتاين مجزرة بحق عشرات الفلسطينيين بسلاحه هناك. جرى نقاش قصير، صرخ خلاله بن غفير فى وجوههم، قائلا إنه وزير الأمن الداخلى المستقبلى. فلم يتنازلوا. الأسبوع الماضى، وافق نتنياهو على وضع 14 كتيبة من «حرس الحدود» فى الضفة تحت إمرته المباشرة، فى إطار تحويله إلى «وزير الأمن القومى».
حاليا، وجد الوزير المستقبلى، برفقة عضوتى كنيست من «الليكود»، الوقت للقاء أهالى اثنين من جنود وحدة «غفعاتى» قاما بالاعتداء على نشطاء من اليسار فى الخليل وتهديدهم، والقيام بتمرُّد علنى على الهرمية القيادية فى الجيش.
بات الوقت متأخرا. نحن فى لحظة ما قبل الانفجار الشامل فى جميع الاتجاهات. التاريخ يثبت أن هذه «المسارات» المشهورة، ليس لها وتيرة واحدة؛ الغليان والتصعيد يحدثان بسرعة.
الفلسطينيون يموتون كل يوم برصاص قوات الأمن. الإسرائيليون يصابون ويُقتلون جرّاء عمليات إطلاق نار، ودهس، وطعن، ورمى حجارة. وهذه الأمور تجرّ المزيد من التظاهرات والاحتجاجات، والمزيد من الاقتحامات والاعتقالات، والمزيد من حرب الشوارع و«الإرهاب». إنها دائرة دم لا نهائية، تنبع من السيطرة على مجتمع وشعب تحت احتلال وضبط. الإسرائيليون، فى أغلبيتهم، يتذكرون هذا فقط عندما يرتفع منسوب العنف والإصابات، أو عندما يكتشفون، خلال المونديال بصورة مفاجئة فى قطر، أن العالم العربى لا يحبّنا.
هذه المواجهة لن تقف هذه المرة وراء الخط الأخضر، ولن تُحدَّد بالصراع الإسرائيلى ــ الفلسطينى. أحداث عملية «حارس الأسوار» فى نهاية ولاية نتنياهو السابقة، وهى الأحداث التى أعادته إلى الحكم أيضا، كانت فقط البداية. هذه المرة، المواجهات بين العرب واليهود ستكون بين النهر والبحر، مستوطنون وكهانيون فى مواجهة وحدات سلاح البر المؤلف أصلا منهم، وبين اليمين واليسار. فحتى قبل وضع الشرطة و«حرس الحدود» تحت إمرة بن غفير وبقية أجهزة الأمن تحت إمرة زميله سموتريتش، هناك اليوم ميليشيات مسلحة تعمل تحت اسم «استعادة هيبة الدولة»؛ مواطنان اثنان من البدو تم الاعتداء عليهما على يد مجهولين بملابس غير معروفة.
السلطة الفلسطينية تفقد سيطرتها، الجيش يتعرض للهجوم ويتم إضعافه من جميع الجهات عبر استعمال الأهل. هناك عمليات مستقلة من كل اتجاه، للاعتداء على الجسد والأملاك، وعمليات انتقامية. كردّة فعل على فصل الأجهزة الطبية فى المستشفى عن تيران فرو واختطاف جثته، قام جنود دروز بإلقاء عبوة على بيت عائلة فلسطينية فى بيت لحم. نحن على بُعد خطوة من حمام دم إثنى ــ قومى ــ دينى على نمط البلقان. حرب الكل ضد الكل تتواطأ فيها القنوات التلفزيونية التى تبحث عن زيادة المشاهدات، وتغذيها وسائل التواصل الاجتماعى الهدامة التى، هى الأُخرى، تعيش على الأخبار الكاذبة، وتخدم السياسيين المهملين فى المدى القصير.
نتنياهو لم يخترع الاحتلال، ولا الصراع. لكن طنجرة الضغط التى تشتعل منذ أعوام بيده، من المعارضة والائتلاف، ومن أجل خدمة مصالحه القضائية والعائلية، توشك على الانفجار. الانفجار سيحمل اسمه. وستكون هذه حرب نتنياهو.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved