الإنجازات.. والضرائب والديون

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الإثنين 3 يناير 2022 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

الحكمة الخالدة بأن «الأرقام لا تكذب» ليست دائما صحيحة، ففى المجال الاقتصادى بالذات يمكن التلاعب بالأرقام، وتوظيفها سياسيا، بل وتطويعها دعائيا لتصبح هذه الحكمة نكتة بايخة على أرض الواقع!
فى أوضاعنا الاقتصادية الحالية فى مصر توجد جوانب إيجابية مشرقة، كما توجد أيضا جوانب سلبية تنذر بكوارث محتملة فى المستقبل.لا أحد ينكر أن الناتج القومى ــ وهو القيمة النقدية لكل ما تنتجه الدولة ــ تضاعف خلال السنوات الماضية ليصبح 7، 1 تريليون جنيه، وأن معدل النمو الاقتصادى كان 3،3% فى العام المالى 2020ــ2021 رغم جائحة كورورنا، وأن هناك العديد من المشروعات العملاقة التى تم البدء فيها ومنها ما يدعم البيئة الانتاجية فى البلاد، فى نفس الوقت الذى يشيد فيه البنك الدولى بزيادة الاحتياطى الاجنبى.
لكن وعلى الجانب الآخر وطبقا لبيانات البنك المركزى، فقد بلغت ديوننا الخارجية حتى أكتوبر الماضى 138 مليار دولار، بعد أن كانت 46 مليارا فقط عام 2014، أى أنها تضاعفت حوالى 3 مرات فى 7 سنوات فقط، وهو مؤشر مخيف خاصة أننا كما قال وزير المالية محمد معيط «سنواصل الاقتراض من الخارج لتسديد فوائد الديون»، فى نفس الوقت الذى رصد فيه تقرير للبنك الدولى العديد من الازمات التى تواجهنا منها تراجع الصادرات غير النفطية والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع نسبة الدين الحكومى إلى إجمالى الناتج المحلى، والصعوبات التى يعانى منها هيكل الموازنة فى ظل ارتفاع مدفوعات الفائدة، ومحدودية الموارد المرصودة لقطاعات الصحة والتعليم رغم أهميتهما.
ومع وقوع أكثر من 30 مليون مواطن مصرى تحت خط الفقر، تفرض الحكومة المزيد من الضرائب، ورفع الأسعار، مع سعيها لتخفيض الدعم تمهيدا لإلغائه نهائيا، والذى من المقرر ان يطال رغيف العيش كما قال وزير التموين على المصيلحى منذ عدة أيام، اضافة إلى احتمال الغاء بطاقات التموين للمتزوجين الجدد.
كل الانجازات الاقتصادية التى تتحدث عنها الحكومة لا تعبر عن الواقع الحقيقى الذى يعيشه المصريون، فالقروض التى تدمن حكوماتنا المتعاقبة على إبرامها مع المؤسسات الدولية، يتحملها المصريون فى صورة شبكة عنكبوتية من الضرائب التى أحالت حياتهم إلى قطعة من الجحيم، دون أن تهتم هذه الحكومات بصحتهم ولا تعليمهم ــ كما قال البنك الدولى الأب الروحى لتوجهاتنا الاقتصادية ــ ولا أن توضح لهم متى بالضبط سيجنون ثمار هذا الاصلاح الاقتصادى؟ ومتى سيرتفع مستوى معيشتهم؟ وكيف سنسدد هذه الديون الخارجية فى ظل ضعف التصدير وتباطؤ الاقتصاد العالمى؟
من حق المصريين الذين يدفعون أثمانا باهظة من أعمارهم وحياتهم البائسة أن يعرفوا ما هى خطط الحكومة لتحسين أوضاعهم، خاصة أنهم يدفعون 80% من إيرادات الميزانية فى شكل ضرائب بكل الأشكال والألوان، وهم الذين يدفعون الأسعار العالمية لمعظم السلع والخدمات التى يشترونها، ويتلقون فى النهاية أجورا محلية لا تغنى ولا تسمن من جوع!.
الإصلاح السياسى الذى طال انتظاره هو البوابة الوحيدة التى تتيح المشاركة الشعبية فى صنع قراراتنا الاقتصادية، حتى نتجنب عواقب وخيمة ستتعرض لها أجيال عديدة من المصريين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved