إنها أرواح لا أجوال يا ألتراس

ريم سعد
ريم سعد

آخر تحديث: الأحد 3 فبراير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

احتفل ألتراس الأهلى بإحالة أوراق 21 مواطن إلى المفتى، وهى الإشارة الدرامية لقرب صدور حكم الإعدام بحق هؤلاء. كان احتفال الألتراس ضخما وصاخبا كالعادة وإن ظللته غصة لأن الأحكام لم تطل أيا من قيادات الداخلية أو أيا من الرءوس الكبيرة التى خططت وتواطأت لتنفيذ مجزرة استاد بورسعيد. كانت بى أنا أيضا غصة لشعورى أن أحكام الإعدام هذه إنما تمهد الطريق لإفلات الجناة الحقيقيين من العقاب ولحرماننا إلى الأبد من معرفة حقيقة ما حدث ولضياع العدالة، أما السبب الأهم لكربى الشديد هو إننى أجد مشكلة أخلاقية ضخمة فى استمرار العمل بعقوبة الإعدام خاصة فى بلد وزمن لا يتمتع فيه المواطن بأدنى قدر من ضمانات العدالة وحيث التعذيب الشديد هو الوسيلة الروتينية المعتمدة لاستخراج سيد الأدلة، ومن العجب أن الغالبية العظمى من المواطنين الذين يعايشون بشكل يومى الظلم والتلفيق وإهدار الحقوق لا يترددون لحظة فى إعطاء تلك السلطة الظالمة الحق الكامل فى سلب الأرواح بل وغالبا ما يقابلون تلك الأحكام باستحسان بصفتها حلا سحريا يقتلع المشكلات من جذورها وهو ما لا دليل عليه على الإطلاق.

 

•••

 

ولسبب ما لا أفهمه تماما فإن القناعة السائدة بأن «ياما فى الحبس مظاليم» لا تنطبق على أحكام الإعدام التى عادة ما يرحب بها المجتمع ويرتاح لها ويرى فيها تحقيقا للعدالة قياسا على درجة بشاعة الجريمة، دون وجود أدنى طريقة للتيقن ما إذا كان هذا المتهم هو فعلا من ارتكب الجريمة ودون الاهتمام بتلك القضية أصلا. ها هى المعلومات تظهر بشأن الطالب أحمد رضا المشجع الأهلاوى الذى ألقى القبض عليه يوم الجريمة ثم أخلى سبيله وإذا بإسمه ضمن المحالين إلى المفتى. قد نعرف وقد لا نعرف لاحقا معلومات جديدة تشكك فى إدانة آخرين ولكن الأكيد أن لا يقين، وفيما يخص الإعدام بالذات فإن ذرة شك واحدة تكفى لأن يصبح الموضوع برمته ثقيلا على الضمائر.

 

•••

 

أنا من الأقلية التى ترى ضرورة تعليق تلك العقوبة حتى يصبح لدينا على الأقل منظومة قانونية عادلة وذات كفاءة وإلى أن نطمئن بشكل كامل إلى أن سير العدالة لا تشوبه شائبة. فالإعدام عقوبة فريدة بصفتها تعتمد على سلب الحق فى الحياة، وهى بذلك نهائية لا رجعة فيها أى أنه لا يمكن إعادة الشخص إلى الحياة إذا ما ثبتت براءته لاحقا أو لو تكشف مثلا فيما بعد أن حكم الإعدام كان مدفوعا بمحاولة احتواء ظرف سياسى محتقن وأن إصدار هذا العدد المهول من الأحكام سوف يؤدى ــ وياللمفارفة ــ إلى التهدئة.

 

فرح الألتراس بنجاحهم وبانتصارهم فى معركة لى الذراع مع السلطة وبدوا وكأنهم يدللون على كونهم «رجالة» حسب تعبيرهم بالعدد الكبير لأحكام الإعدام، وكأنها عدد من الأهداف أحرزوها فى مرمى الخصم. إن وفاء الألتراس لشهدائهم يستحق الإعجاب والاحترام، واعتراضى على صدور أحكام إعدام بالجملة فى ظروف ملتبسة ليس استهتارا بضرورة القصاص وعقاب الجناة، بل على العكس فإنه من باب احترام الشهداء وقضيتهم نريد لهم قصاصا عادلا ونبيلا وألا تلوث ذكراهم أى شبهة ظلم أو ترضية سياسية على حساب أرواح أخرى.

 

 

 

باحثة مصرية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved