أنا وابن عمي

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 3 فبراير 2023 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

هذه هى المرة الثانية التى نكتب فيها عن فيلم، أنا وابن عمى، الذى أخرجه عبدالفتاح حسن عام 1946 بطولة أنور وجدى وعقيلة راتب وحسين رياض وفردوس محمد وهو فيلم كوميدى خفيف يتناسب مع نوعية الأدوار التى كان يقدمها أنور وجدى فى تلك الفترة، وقد أشرنا فى مقالنا السابق منذ ثلاث سنوات إلى أن الفليم الذى شاهدناه كان صوتا فقط بدون صورة، وفى مقال نشرناه الأسبوع الماضى عن سر الأميرة أشرت إلى أن أحد الأصدقاء أهدانى ستة أفلام قديمة غير موجودة كاملة على اليوتيوب ولكنها موجودة لدى الهواة ومن بينها فيلم، أنا وابن عمى، الذى شاهدته كاملا صوتا وصورة، إذا فالكتابة هنا ستختلف، أنا من هواة مشاهدة هذه الأفلام لسبب أساسى هو استجلاب تلك الفترة الثرية من الزمن فهناك أشياء كثيرة فى الفيلم يجب أن نعرفها، منها على سبيل المثال أغنية الملك التى تتغنى بمكانة الملك فاروق الأول عند المصريين، ولعل المتابع لمقالاتى فى هذه الزاوية يعرف أن منتصف الاربعينيات هو سنوات الازدهار للغناء من أجل محبة الملك، وهذه السمة موجودة فى الأفلام الستة التى حصلت عليها ومنها أيضا لست ملاكا الذى سوف نشاهده مرة أخرى ونكتب عنه المزيد، كما أننى من هواة رؤية كيف كان يعيش أجدادنا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا فى ذلك العقد من الزمان، وبالنسبة للحالة الاقتصادية فإن شخصا يتكلم إلى صاحبه ويقول إنه يمكنه دعوة ستة أشخاص للغداء بنكلة واحدة، نكلة!!، يا له من شىء لم نعد نعرفه منذ سبعين عاما إنها نصف القرش، بمعنى أن هذه العملة الضئيلة جدا يمكن بها معرفة كيف تسير الحالة الاقتصادية بالناس، فلا شك أن دعوة هذا العدد للغداء الآن يحتاج إلى نصف مليون نكلة بعد أن تم إلغاء العملات التى كانت سائدة فى تلك الفترة ابتداء من البرونزة والمليم والنكلة والتعريفة والقرش وحتى الجنيه الذى غرق دون أن يطفو إلى سطح الماء أى أنه لم يعد حتى يعوم، وفى فيلم أنا وابن عمى فإن حسين الطبيب المتخرج حديثا يذهب للعمل فى مستشفى عمه، حسين رياض، بعد تخرجه بمبلغ خمسة عشر جنيها ورغم ذلك فإن العم عندما يصطدم بابن أخيه فى مسألة أخلاقية فإنه يرفده من العمل ويدفع ذلك الطبيب أن يفتح عيادة دون أى عبء مادى، وينتظر حضور المرضى ولا يأتيه من الزبائن سوى ابنة عمه هدى التى تتنكر فى شخصية أخرى، وتدَّعى أنها مريضة كى تساعده أن يستغل حياته العملية، وبالطبع أنا أذكر المعلومات دون تعليق عليها وأترك للقارئ المقارنة بين الأرقام التى تذكر فى الفيلم وبين الأرقام الحالية فى هذا الزمن وعامنا الجديد 2023.
الفضيحة التى يتناولها الفيلم أن حسين يتعامل مع ابنة عمه بكبرياء وهو يمثل الجانب الفقير من العائلة أما أبوها فهو الثرى صاحب المستشفى والمال، ويتقابل حسين فى مشاعره العاطفية تجاه هدى التى تحبه ما يدفع بها أن تدَّعى أنه قد تحرش بها وأنها حامل منه، ما يدفع الأب إلى الضغط على ابن أخيه كى يتزوج من هدى ويحاول حسين الدفاع عن نفسه ويدفع ثمن هذا الموقف من كبريائه فيذهب للعمل فى أكثر من مكان دون مردود، لا شك أن ما يخفف من حدة الفيلم أنه مصاغ فى إطار كوميدى أى أن هدى تصر دائما على استجلاب حبيبها وأن تتزوج منه مهما رفض، ومن ثم تتنكر فى زى ممرضة تعمل معه وتساعده فى عمله، وتبعا للضغط النفسى فإن الطبيب حسين يصاب بمرض يحتاج فيه إلى عناية الممرضة التى يقترب منها أكثر ويقع فى غرامها دون أن يعرف حقيقتها ولكن الأمور تتضح فى المشهد الأخير وتتصالح العائلة بأكملها وتشعر الأم بأنها قامت بتربية ابنها على أكمل وجه،
لو عدت إلى موقع البحث الخاص بجريدة الشروق وقرأت مقالنا السابق فسوف تجد اختلافا كبيرا لتناول الفيلم فى المقالين ولعل هذا يرجع إلى ما سبق قوله أن الكتابه عن فيلم ما بعد عرضه الأول يختلف كثيرا عن الكتابة حول الفيلم نفسه مرتين بعد أكثر من سبعين عاما، ولهذا السبب فإننا هنا لا نتناول الفيلم بقيمة فنية ما، ومن الصعب التعرف على سينما عبدالفتاح حسن وهو إحدى علامات الإخراج والسبب بسيط للغاية أن أغلب هذه الأفلام مفقودة ولذا فإن أقصى ما أتمناه أن يقوم الهواة برفع الضائع من الأفلام المجهولة على اليوتيوب حيث اكتشفنا أمرا غامضا يخص اختفاء هذه الأفلام وهو جانب سياسى اتبعه رجال يوليو فى محاولة لتزييف التاريخ وأن الحياة بدأت فقط مع الجمهورية وأنها لم تكن بذات شأن أيام الملكية والحمد لله أن اليوتيوب قد أنصف هذه المرحلة وسلط الضوء عليها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved