طلبات الثورة أوامر

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 3 مارس 2011 - 9:48 ص بتوقيت القاهرة

 بعد أن نجح الشعب والشعب وحده فى تفجير واحدة من أعظم ثورات العالم بشهادة المنصفين فى مختلف أرجاء المعمورة، فقد بات وحده صاحب الحق فى تلبية كل مطالبه دون أن يتصور أى مسئول أو كيان أنه يمن على الشعب المصرى بتحقيق مطالبه.

أقول هذا الكلام بعد أن تعالت خلال الأيام الأخيرة نغمة «كفاية» على بعض الألسنة التى تروج لضرورة أن يتخلى الشعب عن بعض مطالبه التى رفعها منذ أن تحولت غضبته يوم 25 يناير إلى ثورة يوم 28 يناير بدعوى أن ما تحقق منها يكفى وأن الشعب حصل على ما لم يكن يحلم به قبل شهر واحد من الآن والمطالبة بالمزيد هى اجتراء على من تريد هذه الألسنة تنصيبهم أصحاب أمر ونهى.

إن ما تحقق هو مجرد جزء من مطالب الثورة التى رفعها الثوار منذ اليوم الأول ولهم كل الحق فى ممارسة كل أشكال الضغط من أجل تحقيق باقى المطالب دون أن تتصور أى جهة أنها صاحبة فضل على الشعب والثورة لأنها اتخذت هذا القرار أو ذاك.

فالمصريون الذين نزلوا إلى الشوارع وتحدوا النظام الفاسد بكل ميليشياته الأمنية والإعلامية والسياسية هم أصحاب الفضل على كل من تبوأ منصبا بعد الثورة. فصاحب المنصب عندما ينفذ بعضا من مطالب الثورة إنما يؤدى جزءا من واجبه وعليه الاستجابة لكل المطالب إن كان يريد أن يكون مسئولا صالحا جديرا بمنصبه أو بمكانته الجديدة.

والواقع يقول إن الاستجابة لمطالب الثورة والثوار لا تتم بالسرعة المرجوة وهو ما يخلق انطباعا بانعدام الثقة من ناحية وبضرورة مواصلة الضغوط بكل الوسائل بما فيها المظاهرات المليونية الأسبوعية حتى تتحقق باقى المطالب.

فقد كان الواجب ومنذ ثانى أيام إعلان نجاح الثورة وتنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك أن يتم الإعلان عن حزمة الإجراءات التى تفرضها حقيقة أن ما حدث فى مصر هو ثورة وثورة عظيمة فيتم حل الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية وحل البرلمان والمجالس المحلية والدعوة لتعديل الدستور أو صياغة دستور جديد وإقالة جميع المحافظين باعتبارهم جميعا جزءا من النظام البائد وأركانا فيه، لا سيما مصر التى بهرت العالم بثورتها لا تعدم بضعة رجال مخلصين أكفاء يشغلون كل مقاعد الحكومة ومناصب المحافظين.

لقد انتهى العصر الذى كانت فيه الاستجابة لمطالب ورغبات الشعب منحة وهبة من الرئيس القائد والزعيم الملهم ليبدأ عصر أصبحت فيه طلبات الشعب والثورة أوامر لا يملك أحد مهما علا قدره أن يتجاهلها أو يلتف عليها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved