إسرائيل تكتشف شركاء جدد فى المنطقة: اليونان والدول السنية

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: السبت 3 مارس 2018 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

أمس، وفى ظل المسلسل المتواصل الذى يسمى التحقيقات مع رئيس الحكومة جرت فى المقابل زيارتان أمنيتان مهمتان لأثينا وتل أبيب. فقد قام رئيس هيئة الأركان جادى أيزنكوت بزيارته الأولى لنظيره اليونانى، بينما استقبل وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان هنا وزير الدفاع اليونانى. أتت هذه اللقاءات فى سياق توثيق العلاقات العسكرية بين إسرائيل وبين اليونان وقبرص. وسبقتها، فقط فى السنة الماضية، زيارات رسمية قام بها الرئيس اليونانى ورئيس الحكومة وجنرالات من اليونان وقبرص لإسرائيل، وزيارة قائد سلاح الجو الإسرائيلى وقائد ذراع البر فى الجيش الإسرائيلى لليونان، وما يبدو أكثر أهمية هو المناورات المشتركة المتواصلة، إذ تدرب لواء الكوماندوس فى الجيش الإسرائيلى كثيرا فى قبرص، كما تدربت طائرات سلاح الجو فى أجواء اليونان وقبرص كثيرا.

فى تسعينيات القرن الماضى اعتبرت إسرائيل تركيا حليفة استراتيجية لها فى المنطقة، لكن قصة الحب بينهما خمدت بالتدريج مع صعود رجب طيب أردوغان السياسى، الذى شعر بتعاطف أيديولوجى عميق جدا مع الفلسطينيين، وخصوصا مع حركة «حماس». ولفترة وجيزة، وبعد المصالحة الرسمية التى فرضها رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما على الدولتين بعد قضية مرمرة، بدا وكأنه من الممكن إعادة الحرارة بين أنقرة والقدس، لكن هذه الآمال تبددت بسرعة، واستمرت إسرائيل فى النظر غربا إلى اليونان وقبرص، كشركاء قريبين منها فى المنطقة.

هذا هو الأفق الذى يتطلع إليه بنيامين نتنياهو فى رؤيته الإقليمية: من جهة الحلف اليونانى، وفى الجهة الثانية، توثيق العلاقات مع الدول السنية، وبينها السعودية، ومصر، والأردن، والإمارات الخليجية. وفى الحالتين، يبنى رئيس الحكومة سياسته على تضاؤل اهتمام العالم بالمشكلة الفلسطينية. ويكتفى الشركاء باحتجاج لفظى على استمرار احتلال المناطق، لكن المهم أكثر بالنسبة إليهم الحصول على أشياء من إسرائيل.

تشكل مصر أفضل مثال على ذلك. ففى الشهر الماضى نشرت «نيويورك تايمز» تفاصيل تتعلق بعشرات الهجمات الجوية التى نفذتها إسرائيل فى منطقة سيناء ضد الفروع المحلية لتنظيم داعش، ولاية سيناء، كمساعدة منها إلى مصر. وهذا الأسبوع كشفت جيلى كوهين فى برنامج «الآن» الإخبارى أن مصر خرقت، بموافقة إسرائيلية، الملحق الأمنى لاتفاق السلام بين الدولتين، وضاعفت عدد جنودها المنتشرين فى سيناء فى إطار عملية عسكرية جديدة ضد تنظيم «داعش». ويوجد هناك ما لا يقل عن 88 كتيبة، و42.000 جندى مصرى فى سيناء، وتدل هذه الأرقام على مستوى الثقة الكبيرة وغير المسبوقة بين قيادتى الدولتين.

فى العلاقات العسكرية مع قبرص واليونان، تستفيد إسرائيل من إمكان التدرب فى شروط لا تتوافر لها فى البيئة الداخلية القريبة (سلاسل جبلية لقوات الكوماندوس، وطيران طويل والمواجهة مع منظومات مضادات جوية من صنع روسى بالنسبة إلى سلاح الجو). ويوجد فى مواجهة الشركاء السنة عدو معلن، إيران من جهة، ومن جهة أُخرى الجهاد السنى، تنظيم «داعش» والقاعدة ــ لكن اسم العدو التركى لا يُذكر صراحة فى العلاقات مع اليونان وقبرص. ومع ذلك فالقلق اليونانى من سعى أردوغان لتحقيق تفوق استراتيجى إقليمى موجود دائما فى الخلفية، بالإضافة إلى التوجهات المحتملة للتعاون مع إسرائيل فى مجال الغاز. فى هذه العلاقات المشتركة، تشكل المقاربة العسكرية عنصرا مكملا مهما للمصالح المشتركة الاستراتيجية.

• ماذا يجرى فى سوريا؟

ما بثته أمس شبكة التلفزيون الأمريكية فوكس نيوز قرأته إيران وسوريا كتحذير. فقد عرضت الشبكة صور أقمار صناعية لقاعدة إيرانية جديدة قيل إنها أُقيمت بالقرب من دمشق. ونظرا إلى أنه فى المرة السابقة، عندما نشرت وسيلة إعلامية أجنبية، هى الـBBC، أخبارا عن وجود قاعدة مشابهة، تعرضت القاعدة لهجوم بعد بضعة أسابيع، ويمكن الافتراض أن هذه الإشارة مشابهة.

منذ القتال فى أجواء الشمال، يوم السبت فى 10 فبراير، لم تتحدث تقارير عن هجمات جوية إضافية منسوبة إلى إسرائيل. وهذا الأسبوع أنهى سلاح الجو التحقيق بشأن إسقاط طائرة «إف 16» الإسرائيلية بواسطة بطاريات مضادات جوية سورية. وقد عُزى الخطأ الأساسى إلى طاقم الطائرة، الذى لم يستخدم المناورات المطلوبة للتملص من نيران المضادات الجوية منذ لحظة وصول الإنذار بإطلاق صواريخ باتجاهها، لأن الطاقم كان يركز على إطلاق صواريخ إسرائيلية على هدف فى عمق سورية، هو مركز القيادة الإيرانى، المركز الذى أُطلقت منه فى وقت سابق الطائرة من دون طيار التى أسقطتها طوافة إسرائيلية فوق وادى بيت شان.

وبحسب تصريحات القيادة الإسرائيلية، فإن أنشطة سلاح الجو، ردا على انتهاك السيادة، ومن أجل إحباط تهريب سلاح متطور إلى حزب الله فى لبنان، ستستمر كالعادة، بعد استخلاص الاستنتاجات المطلوبة بشأن طبيعة السلوك العملانى. لكن من المعقول الافتراض أن سلاح الجو لم يهتم فقط بالطريقة التى تصرف بها طاقم الطائرة التى أُسقطت، بل أيضا بأسلوب العمل كله، وبمسألة ما إذا كان ما حدث هو «شعور بالاطمئنان فى المعركة بين الحروب».

المعركة بين الحروب، هو اسم المعركة التى يشنها الجيش الإسرائيلى بصورة خاصة ضد تسلح حزب الله. وقد تأكدت المخاطرة الضئيلة لسلاح الجو فى مئات العمليات السابقة التى خرج منها من دون أن يصاب، وهو ما ساهم إلى حد ما فى شعور معين بالحصانة. لكن شيئا ما تغير فى السنة الأخيرة، إذ حدث إطلاق كثيف نسبيا للصواريخ المضادة على الطائرات فى عدد من الهجمات. وفى الواقع، كشف الكلام غير الموفق لضابط كبير فى سلاح الجو الذى تحدث عن «وقاحة سورية» فى إطلاق الصواريخ (التى هى عمليا إطلاق نار دفاعى على طائرات تهاجم سورية) بعضا من الجو السائد الإسرائيلى: الأجواء ملك لنا، التهديد لا يذكر، وويلٌ لكل من يحاول أن يمسنا.

فى جميع الأحوال، يبدو أن مسار الاشتباك بين إسرائيل وإيران بسبب عمليات التمركز الإيرانى فى سورية لا يزال على حاله، والطرفان يستعدان لإمكان نشوب جولة أُخرى. لقد تخطت الحرب الأهلية فى سورية مرحلة، لكن نجاح نظام الأسد ومؤيديه بالتحديد يخلق اليوم مشكلات إضافية، على خلفية ازدياد سعى دول أُخرى، بينها إسرائيل، للتدخل فيما يجرى فى سوريا.

وكما قال هذا الأسبوع الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية اللواء فى الاحتياط عاموس يادلين، إن ما يجرى فى سوريا لن يبقى فى سورية، وكل حادثة تتدخل فيها قوات أجنبية فى أراض سورية أو فى أجوائها ستكون لها انعكاسات واسعة النطاق على الدائرة التى تحيط بها، وأحيانا حتى على القوى العظمى.

عاموس هرئيل
هاآرتس
محلل عسكرى
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved