انسحاب الفرسان

خالد الإتربي
خالد الإتربي

آخر تحديث: الأربعاء 3 مارس 2021 - 8:30 م بتوقيت القاهرة

هل للفارس حق الانسحاب؟

قبل أن تفكر فى الإجابة على السؤال، قد تجد نفسك مضطرا للقول إن الإجابة فى السؤال نفسه، فالانسحاب يعنى الهروب من المعركة، والفارس لا يترك ساحته وسلاحه، أيا كانت خسائره المتوقعة حتى وإن كانت وشيكة أو باتت محققة بالفعل، ولأن هذه قاعدة، فلابد أن يكون لها استثناءات.

كل الوقائع التى لا يتسع المجال لذكرها تقول إن الإعلام الرياضى فقد طريق الإصلاح، وباتت الرياضة أكثر المتضررين منه، فبدلا من أن يساعدها الإعلام، وينير لها الطريق، ويصحح الأخطاء، تجده محولا الخطأ إلى خطيئة، والمخالفة إلى جريمة، وتحولت معه السنوات الجميلة إلى كبيسة وكئيبة.

هذه الممارسات قد تكون مقبولة، من الباحثين عن الشهرة السريعة، دون عناء أو خبرات أو قبول، الذين وجدوا ضالتهم، عبر منصات التواصل الاجتماعى، ثم منها إلى الشاشات، بمجموعة من الخرافات التى يرفضها العقل والمنطق.

ممارسات استقبلتها الجماهير تارة كنوع من السخرية، والاستغراب تارة أخرى، حتى انقلبت تدريجيا لعادة، ومادة يُقبل عليها قطاع كبير من الجماهير، ليندفع علينا سيل من أرباع وأنصاف المشاهير، ويختفى عن عالمنا، من يحملون «القوالب» الحقيقية، لبناء قواعد وأسس الإصلاح، وهذه مصيبة كبرى.

أما الكارثة بحق فهى تورط الفرسان، فبدلا من أن يكون هؤلاء هم رءوس «الحربة» للهجوم على أمثال هؤلاء وطردهم من الساحة، انجروا تدريجيا نحو هذا المستنقع، فمنهم من يبحث الآن عن «التريند»، حتى وإن كان ضميره يرفضه، ومنهم من تطوع ليصنع لهؤلاء سيناريوهات «الفتنة»، ومنهم من تخلى عن دوره مختارا، ومنهم من دفعه يأسه للسكوت.

يبقى السؤال، هل الأوان قد فات، وسنظل نرى رءوس الفتنة بين الجماهير، تزداد فى الظهور والانتشار، بمجموعة خرافات، أم أن هناك حلولا للحد منها؟

العودة للإعلام الحقيقى الحل الأساسى، فالقارئ والمستمع والمشاهد، ليس سيئ الذوق كما يصور البعض، فهو لم يجد إلا هذه «البضاعة» المسمومة، فتشوه فكره، نتيجة أفكار، هانت على صاحبها، وهو أمر خطير للغاية، فكيف سيصونها القارئ، وهى لم تلقَ الصون فى مهدها.

الإصرار على تقديم المادة المحترمة، لن يقوم إلا بسواعد الفرسان الحقيقيين، وما تظنه لن يلقى قبولا «تجاريا» الآن سيكون هو «التريند» الحقيقى، حينما يعتاد عليه القارئ أو المشاهد والمستمع، فلا تنسى، أنه نفسه من اعتاد على القبيح حينما فرضناه عليه، فهل سيرفض الجميل حينما ينتشر، بالطبع لا؟.

هذه هى المعركة التى يتحتم على الجميع خوضها، أو على الأقل سوادنا الأعظم، هى معركة بقاء بحق، معركة الانتصار للقيم المقصودة من الرياضة، معركة قائمة على إعادة الروح والأخلاق والمنافسات الشريفة، معركة أساسها انسحاب الفرسان من الساحات الملوثة، والعودة إلى ساحات الحق والحقيقة.

هنا الاستثناء عن القاعدة الذى حدثتك عنه، فالحالة الوحيدة التى ينسحب فيها الفارس من المعركة، حينما يدرك أن مجرد وجوده، أعطى المعركة شرفا لا تستحقه، ليبقى السؤال، أما آن الأوان لانسحاب الفرسان؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved