دولة رئيس الوزراء: حديث الثقة المفقودة

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الجمعة 3 يوليه 2020 - 6:25 م بتوقيت القاهرة

«نفخر بتضحيات الأطقم الطبية وجهودهم فى مواجهة كورونا «كلمات السيد رئيس الجمهورية فى الاحتفال بذكرى ٣٠ يونيو». كانت الترضية التى انتظرها جموع الأطباء والرأى العام إثر تلك الأزمة التى أثارها تعليق السيد رئيس الوزراء عند تعقيبه على ارتفاع نسبة الوفيات من مرضى عدوى كوفيد بأن من أسبابها تغيّب بعض الأطباء فى بعض المحافظات عن أداء رسالتهم فى علاج المرضى وأنه قد أوكل أمر حسابهم للسادة المحافظين ووزارة الصحة.

رغم استخدام السيد رئيس الوزراء تلك الصيغة التى تؤكد أن الأمر متعلق بالبعض وليس الكل فإنها كانت «نبرة الحسام» التى لم ينتظرها الأطباء من الرجل الهادئ الرصين الذى شهد له الجميع بحسن إدارة الأزمة ومواجهة المتغيرات الصعبة بحكمة. علا من غضب الأطباء وارتفع فالواقع أنهم يواجهون أحد أصعب التحديات التى داهمت البلاد لتستهدف رسالتهم وتتحدى جهودهم خاصة فتلقى بهم إلى خط المواجهة مع عدد لا يرى بالعين المجردة هزم أعتى النظم الطبية فى بلاد العالم المتقدم.

انتهى الأمر فى ظل صمت وزارة الصحة وعزوف السيد رئيس الوزراء عن التعقيب حتى جاءت الترضية التى بددت الغيوم التى تجمعت فى سماء الوطن، فاعتبرناها إذنا من السيد رئيس الجمهورية بالحديث.

نعم: أظنه قد حان وقت الحديث عن تلك الثقة المفقودة بين الأطباء والحكومة دون أن يتهم أحد فى صدق حديثه أو وطنيته الخالصة أو وفائه للقسم الذى ردده مزهوا بشهادة على تخرجه وانضمامه إلى أصحاب الرسالات الإنسانية جنديا عاملا.

اسمح لى يا دولة رئيس الوزارة أن أوجه حديثى إليك مباشرة خالصا من عمق القلب فلا أجندة خفية ولا موقف أيديولوجيا ولا انتماء سياسيا أو حزبيا أو وعى غائبا أو خيطا رفيعا يربطنى كعروسة الماريونت يحركها لاعب من وراء ستار.

أنا المصرى يا دولة الرئيس:
لست فى موقف المتهم حتى اتخذ موقف المدافع أو المبرر ولكنى أتمنى أن يتسع صدرك لمراجعة الموقف التالى لتجيبنى أنت ماذا يفعل لو استبدلت مكانك بمكانى!

منذ فترة ونحن نعانى فى المستشفيات على جميع أنواعها من نقص المستلزمات الطبية التى تستخدم لعلاج المرضى وتشخيص أمراضهم. كان من البديهى أن نطلب من مسئولينا المدد لكننا لم نكتف بهذا بل بدأنا كل فى مكان بالاستعانة بالمجتمع المدنى الذى لم يخذلنا وتقدم الكثيرون لمساعدتنا. تعددت الوقائع فبدأ شباب الأطباء فى محاولة خالصة لوجه الله والوطن فى الاستعانة بأهل المرضى لشراء بعض المستلزمات حتى لا يضطرهم الأمر لرد المريض دون علاج، فما الذى حدث وكيف جاء رد الفعل مخالفا للصورة الحقيقية للوقائع اليومية فى المستشفيات.

فى الوقت الذى كنا نعانى فيه من نقص المستلزمات الطبية كانت بعض التصريحات فى الإعلام تؤكد أن رصيد المستشفيات من كل المستلزمات الطبية كافٍ وتحذر المرضى وأهلهم من شراء أى مستلزمات يطلبها الأطباء. كان بعض السادة المحافظين يتخفون وقد اتخذوا دورا مباحثيا لمداهمة الأطباء فى العيادات الخارجية والاستقبال تنهال بعده الجزاءات وتلمع فلاشات التصوير لتسجل اللحظات التاريخية فى تاريخ الطب والأطباء.

لك يا سيدى أن ترجع لمحاضر الشرطة فى تلك الفترة القريبة التى سجلت اعتداءات المواطنين فى العيادات الخارجية والاستقبال فى جميع المحافظات على الأطقم الطبية مع اتهامهم بالتقصير رغم وجودهم على رأس العمل وإنما الغياب كان للمستلزمات.

لماذا يا سيدى تغيب المصارحة من قاموس الحكومة؟ ماذا لو أن الحكومة اجتمعت بجموع الأطباء وواجهتهم بحقيقة ما تعانيه من عجز وطلبت منهم مقاسمتها الهموم واقتراح الحلول فى حدود الميزانية المتاحة، وسمحت لهم باتخاذ الإجراءات التى تمكنهم من أداء واجباتهم تجاه المرضى ودعمت وجودهم وحمت مؤسساتهم أمنيا؟

دولة رئيس الوزراء
غابت الثقة بين الأطباء والحكومة حينما توارى الصدق واختفت المصداقية، واستخدم الأطباء كدروع بشرية لحماية المنظومة الصحية من النقد وسد الثغرات، بدلا من إعادة التقييم ودراسة الاحتمالات ودعم ما هو موجود بالفعل من إمكانات، والمطالبة بزيادة ميزانياتها فى مقابل خدماتها وتطويرها فى الاتجاه الأفقى والرأسى فى آن واحد أصبح مطلبا قوميا أتى على رأس القائمة بلا منازع.

دولة رئيس الوزراء
هذا حديث ما قبل الكورونا.. أما ما بعد الكورونا فله إن شاء الله حديث آخر.. إذا ما تفضلتم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved