احمل العصا وتكلم بهدوء

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 3 يوليه 2020 - 6:10 م بتوقيت القاهرة

«احمل العصا وتكلم بهدوء تحقق ما تريده». هذه العبارة منسوبة للرئيس الأمريكى الاسبق روزفلت. وعبارة ثانية تقول: «كن قويا من أجل نفسك فالحياة تهلك الضعيف دائما»، وهى منسوبة لوليام شكسبير. وثالثة تقول: «إياك أن تضعف أمام الآخرين.. فلا تعرف بأى خنجر سوف تغدر»، وأيضا: «إذا أحسست أنك ضعيف، فاهرب واختبئ بمكان لا يراك فيه، ولا يسمع أنينك إلا الله».

ومثلها عشرات وربما مئات المقولات المماثلة بصيغ مختلفة موجودة فى كل اللغات والثقافات والشعوب والأمم.

هذه المقولات تنطبق ليس فقط على الأفراد، ولكنها تنطبق على الشعوب والبلدان والأمم، ويبدو والله أعلم أن الحكومة الإثيوبية تتعامل معنا فى السنوات الأخيرة بهذا المنطق. وهو ما يبدو أنها نفس الرسالة التى وصلت إلى الحكومة التركية، حينما قررت أن ترسل مرتزقتها وأسلحتها إلى الشقيقة ليبيا فى الشهور الأخيرة.

ويبدو أيضا أن هذا هو المنطق الذى جعل الرئيس عبدالفتاح السيسى يتحدث يوم السبت قبل الماضى خلال لقائه مع قادة وضباط وجنود المنطقة العسكرية الغربية. يومها قال الرئيس: «عايز الناس تسمعنى وتفهمنى كويس.. يخطئ من يظن ويعتقد أن حلمنا والتعامل مع الأمور بحلم هو ضعف.. ويخطئ من يعتقد أو يظن أن الصبر تردد.. لا والله.. احنا صبرنا هو لاستجلاء الموقف.. وإيضاح الحقائق لكن ليس أبدا ضعفا أو ترددا. ويخطئ من يظن أو يعتقد أن عدم تدخلنا فى شئون الدول الأخرى هو انعزال أو انكفاء.. لا والله.. احنا رأينا خلال السنين اللى فاتت أن التدخل فى شئون الدول قد يكون له تأثير سلبى على أمن واستقرار هذه الدول. ولذلك فإن الجاهزية والاستعداد القتالى للقوات المسلحة صار أمرا ضروريا وحتميا فى ظل حالة عدم الاستقرار والاضطراب التى تسود منطقتنا».

فى السنوات الماضية تصرفت مصر بصورة حضارية خصوصا مع إثيوبيا وتركيا.

مع إثيوبيا تأسفنا لهم كثيرا، وقلنا لهم إننا ربما نكون قد تعاملنا معهم فى السابق بصورة خاطئة، وقلنا لهم سوف نتعاون معكم ونستثمر عندكم، ووصل الأمر إلى أن رئيس الجمهورية ذهب إلى برلمانهم وخاطب الشعب الإثيوبى رافعا غصن الزيتون.

رأيى الشخصى أن مصر تصرفت بطريقة صحيحة وحضارية، وحاولت جاهدة أن تثبت للإثيوبيين أنها تريد التعاون على قاعدة المنفعة المتبادلة حتى تقضى على هواجسهم وشكوكهم التاريخية. وربما تكون إثيوبيا هى أكثر دولة زارها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه منصبه، وربما يكون رؤساء وزارئها من هيلى ماريام ديسالين إلى آبى أحمد هم أكثر مسئولين أجانب التقاهم الرئيس سواء فى أديس أبابا أو القاهرة أو فى عواصم إفريقية ودولية خلال المؤتمرات المختلفة.

لكن هذه المعاملة الحضارية لم تنتج أى رد فعل مماثل من الجانب الإثيوبى. للأسف وصلت إليه رسالة خاطئة تماما، معناها أننا ضعفاء، وبالتالى هى فرصة سانحة لكى يفعل ما يشاء، حتى لو كان هذا الفعل هو تأميم مياه النيل وتعطيش مصر!.

وبالتالى فإن الرسالة المهمة التى نستنتجها من العلاقة مع إثيوبيا طوال السنوات التسع الماضية، منذ قرارها بتحويل مياه النيل فى إبريل ٢٠١١ وحتى هذه اللحظة، هى أن تكون روح الود والتعاون والتفاهم والسلام والتحضر موجودة مع إثيوبيا وغيرها، لكن بجانب هذه الروح لابد أن تكون هناك العصا ظاهرة وواضحة، بل ويتم التلويح بها بين الحين والآخر، حتى لا يطمع الذى فى قبله مرض.

ومن الواضح أن التلويح باستخدام القوة قد يكون الوسيلة الوحيدة لتفاديها فى مرات كثيرة.

حينما تحدث الرئيس السيسى بلغة قوية فى سيدى برانى يوم السبت قبل الماضى، بدأت العديد من القوى الإقليمية والدولية تلتفت إلى ما تقوله مصر، خصوصا حينما بعثت برسالة إلى تركيا وغيرها، بأن الخطوط الحمراء لمصر فى ليبيا هى سرت والجفرة.

السؤال هو هل الرسالة إلى إثيوبيا فقط أم لتركيا فقط، أم لكل من يهمه الأمر، والسؤال الآخر ما هو المطلوب لكى تتحول هذه الرسالة من شفوية إلى عملية، وهل نحتاج إلى أن «نضرب المربوط حتى يخاف السايب»؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved