لم نتعلم شيئًا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 3 أغسطس 2011 - 9:40 ص بتوقيت القاهرة

 دور أى جهاز أمنى فى العالم أن يقبض على اى خارج على القانون ..بالقانون، ليس من وظيفته أن يضربه أو يهينه أو يعذبه، ولو سمحنا لأجهزة الأمن بالتعامل مع الخارجين على القانون بالقوة فقط، أو باعتبار أنهم مجرمين ــ قبل إدانتهم ــ لكانت قتلتهم جميعا.

رجل الأمن لابد أن يكون متحكما فى أعصابه إلى أقصى حد وإلا تحول إلى «قاتل يحمل رخصة بالقتل الشرعى».

ما حدث فى ميدان التحرير طوال يوم الاثنين وحتى فجر الثلاثاء يقول بوضوح إننا لم نتعلم شيئا منذ قيام الثورة ..وأساليب شرطة العادلى لاتزال سارية.

إذا كنا ننادى باستعمال القانون مع البلطجى فالأحرى أن يتم استعماله مع أسر الشهداء والمعتصمين فى التحرير الذين ضحوا بكل شىء من أجل أن يكون مستقبل هذا البلد أفضل.

من حق البلطجى أن يتمتع بكل الحقوق القانونية بدءا من عدم سبه وإهانته ونهاية بحقه فى الحصول على محاكمة عادلة ونزيهة.

وفى المقابل فإن الذين قدموا أولادهم شهداء لكى ننعم نحن بالحرية ومعهم بعض المعتصمين من تيارات أخرى، فكان هناك مليون طريقة ليس من بينها الضرب واقتحام المسجد و«فعص» بعض المتظاهرين.

ما نتحدث عنه هنا اليوم ليس من هو على صواب ومن على خطأ، هذه قصة أخرى طويلة، لكننا نتحدث عن كيف ينبغى على الشرطة أن تتعامل مع المتظاهرين.

يفترض أن الثورة قامت لأسباب كثيرة، من أهمها الاحتجاج على الطريقة اللا إنسانية فى القبض على وقتل وتعذيب خالد سعيد فى الإسكندرية.

لو إن هناك جاسوسا إسرائيليا تم ضبطه متلبسا بالتجسس أمام أعيننا فالواجب على من يلقى القبض عليه أن يعامله بالقانون وطبقا لكل مواثيق حقوق الانسان.

سنهدر هذه الثورة ومثلها العليا لو تخلينا عن إنسانيتنا وعن معاملة خصومنا ومنافسينا وحتى أعدائنا، لا قيمة لأى كلام عن الثورة من دون أن أحترم حق غيرى فى الكلام واعتناق ما يشاء من أفكار، وستنهار كل قيمة محترمة لو لم تتغير طريقة الشرطة فى التعامل مع الناس.

أعرف أن كثيرين سيقرأون هذا الكلام وقد يسخرون قائلين: «ما هذا الكلام المثالى والحالم»؟!
أعرف أيضا أن هناك ضغوطا رهيبة على جهاز الشرطة وعلى معظم العاملين فيه، وأنهم يتعرضون الآن لمعاملة غير جيدة من قبل بعض المواطنين، وسمعت قصصا كثيرة منهم بشأن هذا الأمر، لكن جوهر نجاح هذه الثورة أن تتغير عقلية الشرطة تغييرا تاما.

وإذا كنا نلوم بعض القوى السياسية لأنها لم تتعلم حتى الآن كيفية ممارسة الاختلاف السياسى ولا تؤمن بالحوار، فإننا نلوم الشرطة على عدم قدرتها على بدء تعلم الأساليب الجديدة فى التعامل مع المواطنين، ونلوم الشرطة العسكرية «عديمة الخبرة» بالمرة فى هذا الشأن.

الذين واصلوا الاعتصام أخطأوا كثيرا لأنهم لا يعرفون كيف يمارسون السياسة وأساءوا للثورة ولصورتها كثيرا وتلك قصة أخرى لكن كل ذلك لا يبرر تحت أى ظرف أن نتعامل معهم بهذه القسوة.
ما الذى كان يمنع أجهزة الأمن ان تفاوض المعتصمين أولا ثم تحذرهم وبعدها يمكن أن تلقى القبض عليهم وتقدمهم لمحاكمة عادلة دون أن تضربهم أوتهينهم؟! معظم المواطنين العاديين كانوا فرحين بفتح الميدان وقدموا التحية للجنود.. فما الذى دفع هؤلاء الجنود لإهدار كل ذلك.. لماذا كان هناك إصرار على تكريس فض الاعتصام بالقوة.. ما هى الرسالة التى أرادوا أن يوصلوها.

أسئلة نرجو الإجابة عنها!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved