عن قمة العلاقات الإفريقية ــ اليابانية

رخا أحمد حسن
رخا أحمد حسن

آخر تحديث: الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

عقدت القمة السابعة للتيكاد ــ أى قمة طوكيو بتنمية إفريقيا ــ فى مدينة يوكوهاما فى الفترة من 28ــ30 أغسطس 2019. وشارك فيها 40 رئيسا ورئيس وزراء من الدول الإفريقية، ودعى إليها أمين عام الأمم المتحدة والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، وعدة مؤسسات دولية وإقليمية. كما شارك فيها نحو 1500 رجل أعمال يابانى يمثلون أهم الشركات اليابانية وبصفة خاصة التى لها استثمارات أو علاقات تجارية وثقافية وتكنولوجية مع الدول الإفريقية والشركات الراغبة فى الدخول فى علاقات مع إفريقيا.
وجرى العمل على أن يرفع المؤتمر منذ بدايته فى عام 1993 شعارا عاما لكل مؤتمر، وكان الشعار فى المؤتمر الأخير الذى عقد فى كينيا عام 2016 هو «الاستثمار فى مستقبل إفريقيا» أما شعار هذا العام فهو «دفع التنمية الإفريقية من خلال الشعوب والتكنولوجيا والابتكار». وقد ركز المؤتمر على محاور أساسية هى:
• تحقيق آمال شعوب القارة فى التحول الاقتصادى.
• تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات الخاصة والابتكار.
• تعزيز الأمن والاستقرار بالمجتمعات الإفريقية.
***
بالنسبة للمحور الأول وهو تحقيق آمال شعوب القارة فى التحول الاقتصادى، فهو يتناول أحد المطالب الأساسية الإفريقية بأن تغير الدول المتقدمة، ومنها اليابان، نظرتها التقليدية لإفريقيا باعتبارها موردا للمواد الخام بصفة أساسية، وضرورة التحول إلى الاستثمار فى إقامة صناعات فى إفريقيا حتى تجنى نصيبها من القيمة المضافة من ناحية وتنمى مجموعات من العمال المهنيين ذوى الخبرات فى الصناعات الحديثة، كما تطالب الدول الإفريقية بألا تكتفى اليابان والدول الصناعية الأخرى بإقامة مصانع فى إفريقيا وإنما من المهم للغاية نقل وتوطين التكنولوجيا فى الدول الإفريقية.
وبناءً على المحور الأول فإن اليابان تطالب بالمحور الثانى وتعتبره فى غاية الأهمية فى مسار عملية التنمية والتحول الاقتصادى، وهذا المحور هو تحسين بيئة الأعمال وهذا يشمل منظومة القوانين الخاصة بالاستثمار والتأمينات وقوانين العمال وأن تكون متوازنة من حيث ضمان حقوق العمال من ناحية وحقوق المستثمرين من ناحية أخرى، وعمليات تحويل الأرباح، وتصفية الأعمال أو التخارج وما قد يكون متصلا بذلك كله من القانون المدنى العام والقانون الجنائى وإجراءات التقاضى وضمانات تنفيذ الأحكام، هذا إلى جانب توفر الشفافية وسرعة الإجراءات الإدارية وعدم توزيعها بين وزارات وهيئات لا تنسيق بينها مما يجعل أحيانا الموافقة المبدئية على إقامه مشروعات ما غير كافية بل وقد تنتهى بتراجع المستثمر كلية.
إن مسألة تشجيع الاستثمارات الخاصة والابتكار أمر فى غاية الأهمية بالنسبة للمستثمرين اليابانيين وغيرهم، حيث إن أوضاع المستثمرين المحليين هى التى تجذب المستثمر اليابانى أو الأجنبى بصفة عامة. وعادة ما يفضل المستثمر اليابانى أو الأجنبى أن يكون له شريك محلى ليكون أكثر منه دراية وإلماما بمناخ الاستثمار وأسلوب المعاملات العامة.
***
يعد محور تعزيز الأمن والاستقرار والسلام بالمجتمعات الإفريقية مطلبا أساسيا لتوفير بيئة مناسبة للاستثمار وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وبدون الأمن والاستقرار لن يأتى مستثمر يابانى، بل قد يضطر الموجود منهم أن يعيد النظر فى استثماراته سواء بتجميدها على ما هى عليه أو بنقلها إلى بلد آخر أكثر أمنا واستقرار كلما كان ذلك ممكنا. لذا فإن الصراعات والحروب وعدم الاستقرار فى بعض الدول الإفريقية لا توفر بيئة مناسبة للاستثمار ولا للتنمية.
لذا فإن رئيس وزراء اليابان أبرز بوضوح ضرورة التركيز على تشجيع القطاع الخاص وريادة الأعمال، مشيرا إلى أن شركات يابانية خاصة تعاونت مع شركاء أفارقة فى العديد من المشروعات، وكذلك الاهتمام بالتنمية البشرية عالية الجودة والحصول على التمويل، باعتبارها دعامات أساسية لبيئة الاستثمار ومواجهة متطلبات الدول الإفريقية.
وكان وزير خارجية اليابان قد أوضح أن التيكاد «الآن منتدى مفتوح وشامل فى ظل شعار عام هو أن «الملكية لإفريقيا والمشاركة للمجتمع الدولى» من أجل تنمية الاقتصاد والمجتمع الإفريقى فى ظل السلام والأمن، وعلى أساس مفاهيم الجودة والشفافية.
ويدخل فى هذا الإطار الرعاية الصحية خاصة من الأمراض المتوطنة فى إفريقيا وما يظهر فيها من أمراض جديدة، والاهتمام بالتنمية الزراعية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والمساهمة فى عمليات تمكين المرأة وتنمية قدرات الشباب عماد المستقبل وحقهم فى التعليم والتدريب المهنى، وذلك فى إطار أجندة التنمية المستدامة فى إفريقيا 2063.
وقد شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس وزراء اليابان رئاسة القمة السابعة للتيكاد باعتباره رئيسا للاتحاد الإفريقى، ومن ثم قدم عرضا عاما بالخطوط العريضة للمطالب العامة للدول الإفريقية والتى تدور فى إطار أجندة التنمية الإفريقية المستدامة 2063، ويمكن إيجاز هذه المطالب فيما يلى:
• المساهمة فى التنمية البشرية خاصة الشباب والمرأة وهذا يتفق مع شعار القمة لهذه الدورة، ويعد أحد أهم العوامل لتحقيق التقدم والتنمية الشاملة.
• دعوة رجال الأعمال اليابانيين إلى التعاون مع دول الاتحاد الإفريقى لمطالبة مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية بأن تضطلع بدورها فى تمويل التنمية فى إفريقيا.
• توفير الضمانات المالية لتمكين القطاع الخاص من الإسهام فى تعزيز التجارة وزيادة الاستثمار فى القارة.
• تقديم شروط ومعايير أفضل للإقراض والتمويل تسهم فى تنفيذ الدول الإفريقية ورواد الأعمال مشروعات رائدة تغير واقع التنمية فى إفريقيا.
• أهمية التنسيق بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى من أجل معالجة الملفات ذات الأولوية فى أجندة التنمية الإفريقية المستدامة 2063، ومن أجل تحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى.
• التعرف على التحديات التى تواجه تلك المؤسسات خلال عملها بما يسهم فى احتضان رواد الأعمال سواء اليابانيين أو الأفارقة أو غيرهم وتقديم نموذج للتعاون بين القطاعين العام والخاص وتشجيع المشاركة بين القطاع الخاص الإفريقى واليابانى بما يلبى التطلعات لمستقبل أفضل.
وقد كانت مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة فى المؤتمر مهمة للتباحث معه بشأن دور المنظمة الدولية فى إفريقيا سواء فى تسوية الأزمات بالطرق السلمية وفى مقدمتها الأزمة الليبية وغيرها، أو فق عمليات حفظ السلام وما يتصل بها من حماية النازحين واللاجئين الهاربين من مناطق الحروب والمنازعات والإشراف على عمليات إعادة الإعمار وإعادة توطين اللاجئين والنازحين بعد انتهاء الصراعات وتوفير الضمانات الكافية لأمنهم واستقرارهم.
رحبت اليابان بإطلاق المرحلة التنفيذية لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية خلال القمة الإفريقية فى نيامى فى 7 يوليو 2019 لما سيكون لها من آثار إيجابية على التبادل التجارى بين الدول الإفريقية، مما يزيد من سهولة انتقال إنتاج المصانع اليابانية فى الدول الإفريقية من دولة إلى أخرى وكذلك سرعة ويسر تدفق المنتجات والاستثمارات اليابانية ذاتها. وتجدر الإشارة إلى أن إجمالى التبادل التجارى بين اليابان والدول الإفريقية قد ارتفع من 15,4 مليار دولار أمريكى عام 2016 إلى 17,8 مليار دولار عام 2018 أى بزيادة نسبتها 16% رغم المنافسة القوية سواء من الصين أو دول جنوب شرقى آسيا والهند وغيرها من الدول الأوروبية وأمريكا. وإذا كان يقع على اليابان وغيرها من الدول الصناعية المتقدمة الاستجابة لمطالب الدول الإفريقية ومساعدتها على تحقيق التنمية الشاملة على أساس أنه كلما تحقق التقدم زادت العلاقات والتبادل التجارى بين الدول، فإن الدول الإفريقية عليها أن تستجيب بدورها لمتطلبات الاستثمار وتهيئة المناخ الجاذب لرواد الأعمال للمشاركة فى عملية التنمية بعيدًا عن القوانين المقيدة والإجراءات الإدارية المعقدة والمناخ العام الضاغط على المستثمرين المحليين.. هذا إلى جانب إنهاء الأزمات والصراعات سواء الداخلية أو البينية وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار بعيدًا عن الفساد وسوء الإدارة والتنظيم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved