نصر أكتوبر وبيريز

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 3 أكتوبر 2016 - 11:10 م بتوقيت القاهرة

يمضى قطار الأيام، لكنه يقف من وقت لآخر عند محطة مهمة فى سجل الشعوب والأمم مذكرا بحدث صنعته فى لحظة فارقة فاستحق التخليد، واستدعاء تفاصيله رغبة فى نقلها إلى الأجيال الجديدة علها تعى المعنى العميق لكلمة «وطن»، وإن علت السماء سحب ضبابية فى بعض الأحيان.

ومثل كل الأعوام السابقة تهل علينا ذكرى نصر أكتوبر المجيد، الذى صنعه رجال، لن تفيهم الكلمات ذرة مما يستحقون من تكريم واعتراف بفضلهم فى صنع ملحمة وطنية، ضحوا من أجلها بالغالى والنفيس، ولم يبخلوا حتى بأرواحهم من أجل نقش سطورها على أحجار البازلت التى يستحيل محو رسومها.

نعم مياه كثيرة جرت فى نهر الحياة المصرية جعلت البعض يشكك فى جدوى التضحية ومعنى الفداء وقد رأى هؤلاء كيف سرق النصر من صانعيه ليذهب للصوص الحروب، وسالبى البهجة ممن فتحت لهم الطرق أمام عمليات النهب المنظم لمقدرات الوطن، وبدلا من أن يكون مكانهم الطبيعى غياهب السجون يطلون علينا عبر شاشات الفضائيات مخرجين ألسنتهم قائلين: «ها نحن عدنا»، لفتح آفاق جديدة للتهليب.

تأتى ذكرى أكتوبر المجيد، ومخربى الاقتصاد الوطنى، سماسرة الحديد، والغاز، وهم يعطوننا دروسا بأن الغد الذى كانوا سببا فى ضبابيته سيكون أفضل، طبعا إذا فتح لهم الطريق مرة أخرى «لتسليك السبوبة» والاستيلاء على الأراضى، وشراء المصانع وشركات القطاع العام بأبخس الأسعار، مقابل العمولات والرشى التى تعودوا عليها قبل أن يهربوا أموالهم إلى البنوك الخارجية فنضطر مجبرين على تعويم الجنيه، وتجرع سم شروط صندوق النقد الدولى وأشقائه من المرابين.

رجال اللص مبارك المدان بالسرقة بحكم المحكمة، يظهرون واحدا تلو الآخر، بزفة ترحيب فضائية وصحفية، تساهم فيها أبواق وأقلام طالما كانت سندا وعونا للنظام البائد، لتعطى هؤلاء فرصة وصف الثورة بالمؤامرة، والاستخفاف بأرواح الشهداء الذين سالت دماؤهم فى الميادين، كما روت دماء اشقائهم أرض سيناء فى أكتوبر 1973، سعيا من أجل وطن أفضل، يعود خيره على البسطاء وملح الأرض الذين يشكلون السواد الأعظم من ابناء هذا الشعب الصابر على المحن.

أما المشهد الاكثر رداءة، أن نحتفل بذكرى النصر العظيم على الصهاينة، فيما كان وزير الخارجية سامح شكرى، يمشى فى جنازة السفاح شمعون بيريز، قاتل الأطفال، وثاكل النساء، وبغض النظر عن كون الصور التى جرى تداولها لوزير خارجية مصر متأثرا بوفاة المجرم بيريز كانت حقيقية، أم جرى تزييفها، فحضور الجنازة فى حد ذاته يدفع للخزى، ولا يجلب إلا العار.

سيرد المتحذلقون بأننا نرتبط بمعاهدات واتفاقيات مع إسرائيل تحتم المشاركة فى جنازة هذا السفاح، لكن هل هذه الاتفاقيات تلزم مصر بارسال وزير خارجيتها، ولماذا لم نكتف بالسفير مثلا، ودول عديدة فعلت الأمر نفسه؟!، أم هى رغبة فى تقديم رسائل المحبة، وعرابين السلام الدافئ، إلى القاتل الآخر والأكثر دموية بنيامين نيتنياهو، الذى لا يترك فرصة إلا ويرمى بكل مبادرة عربية، تستجدى رضاه، إلى صندوق القمامة.

سيظل بيريز وأمثاله من الذين تقطر أيديهم بدماء شهدائنا، اعداء وإن حاول البعض تزييف الحقائق تحت دعاوى السلام الزائف، وسنظل نذكر شهداءنا الأبرار فى كل حين، فهم الحقيقة الساطعة مع كل إشراق لشمس أكتوبر المجيد على مر السنين، ولن نرضخ لقاتلينا، وسالبى حقوقنا، مهما سعى المرجفون من دعاة الاستسلام تحت وهم السلام.
.....

تحية إلى أبطال نصر السادس من أكتوبر المجيد، وتحية لإخوانهم المرابطين الآن على حدود مصر الأربعة، جنود الجيش المصرى البواسل الذين يواجهون بشجاعة رصاص الإرهاب الغادر، فى معركة الدفاع عن شعب عظيم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved