مبادرة تستحق الدعم

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 3 أكتوبر 2018 - 10:30 م بتوقيت القاهرة

قبل أيام قليلة بدأت الحكومة تنفيذ خطة تستهدف كما هو معلن إجراء تحليل طبى لنحو 50 مليون مواطن للكشف عن وجود «فيروس سى» فى أجسادهم وعلاج من تثبت إصابته بالفيروس خلال نحو عامين، وهى خطوة تستحق كل الدعم والمساندة والتقدير فى الوقت ذاته.

وعلى عكس الكثير من المبادرات والإعلانات الحكومية التى لا تزيد عن أن تكون «فنكوش» فإن تجربة السنوات الأربع الماضية تؤكد أن مبادرة القضاء على فيروس سى الأخيرة تستند إلى تجربة ناجحة فى التعامل مع هذا المرض منذ أن نجح العلم فى تقديم عقار ناجع له حرصت مصر على توفيره للمرضى على أوسع نطاق ممكن.

فخلال السنوات الماضية نجحت الدولة فى تطوير منظومة فعالة لتوفير علاج فيروس سى إما مجانا أو بتكلفة محتملة لأغلب المرضى الذين تأكدوا من إصابتهم بالفيروس. وانطلاقا من هذا النجاح قررت الدولة القيام بالخطوة التالية وهى إجراء مسح شبه شامل للتأكد من عدم وجود مصابين بالفيروس حتى لو كان فى حالة كمون من أجل «مصر خالية من فيروس سى».

وإذا كان لنا أن نطلق وصف «مشروع قومى» الذى يهوى المسئولون ترديده بمناسبة وبدون مناسبة، على أى برنامج أو خطة حكومية، فإننا نطلقه على مباردة القضاء على فيروس سى، ليس فقط بسبب حجمها الجبار المستهدف حيث تشمل أكثر من 50 مليون مواطن أى نحو نصف عدد سكان مصر، وإنما لأنها تنطلق من تجربة سابقة أثبتت نجاحها ونجاح القائمين عليها.

لقد تحول «فيروس سى» خلال العقود الأخيرة إلى شبح يقض مضاجع المصريين، سواء من اكتشف إصابته به أو من يخشى إجراء التحليل حتى لا يكتشف إصابته بمرض كان عمليا بدون علاج، لأن العلاج الوحيد الذى كان متاحا حتى قبل سنوات قليلة لم يكن فى متناول أغلب المرضى، كما أنه لم يكن فعالا بما يكفى.
فى ظل هذا الواقع، كان اكتشاف الإصابة بالفيروس اللعين والذى كان يتم غالبا بالمصادفة، إما أثناء التبرع بالدم أو بالإعداد لإجراء عملية جراحية أو حتى أثناء الكشف الطبى الروتينى لمن سيسافر للعمل فى السعودية، يعنى ببساطة نهاية الحياة الطبيعية لهذا الإنسان.

وعندما تطلق الحكومة مبادرة للقضاء على هذا الشبح المخيف، يصبح دعمها واجبا على الجميع، دون أن يكون هذا الدعم بالضرورة مجرد الإشادة والمديح للمبادرة وللقائمين عليها، وإنما أيضا فى صورة متابعة دقيقة لكيفية تنفيذ المبادرة وتصويب ما قد يقع من أخطاء خاصة وأنها مبادرة ضخمة وغير مسبوقة، وبالتالى تصبح احتمالات الانحراف وارتكاب الأخطاء قوية، ويصبح تتبع هذه الأخطاء وكشفها لتصويبها واجب.

مرة أخرى، نقول إن القضاء على فيروس سى هو مشروع قومى بامتياز يستحق أن يسانده ويراقبه الجميع لنضمن له النجاح، خاصة وأن هذا الفيروس مسئول عن نحو 20% من وفيات المصريين سنويا بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية التى أوردتها الزميلة الرائعة دينا عزت فى تحقيق بديع لها فى صحيفة «الأهرام ويكلى» الأسبوعية عن مركز الدكتور ياسين عبدالغفار الخيرى لعلاج أمراض الكبد، والذى يستحق أيضا قدرا أكبر من الاهتمام الإعلامى والاجتماعى نظرا لدوره المميز فى توفير خدمة طبية على أعلى مستوى للمحتاجين، رغم ضعف الإمكانيات المادية المتاحة له.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved