مشارف حرب إقليمية
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 6:45 م
بتوقيت القاهرة
جنون نتنياهو سيوصل المنطقة إلى حرب إقليمية، الحرب التى هدف نتنياهو منها لتوسيع رقعتها، ستنكسر فيها إرادة الكيان الصهيونى. لا يمكن مهما بلغت قوة أى إنسان أو جماعة أن يبقى فى أرض الغير رغما عنه، لا سيما وقد عاث فسادا بالمقدسات والثروات، وصار يعربد ويقتل ويطرد السكان، ويطمع دوما فى المزيد من التوسع واغتصاب الأرض.
القوة الخارجية التى يعتمد عليها الكيان الصهيونى سوف تندثر سواء بفعل الطبيعة التى لا تمنح أى إمبراطورية الحياة إلى الأبد، وهو ما حدث فى عديد الإمبراطوريات قديما، وكان آخرها اندثار الإمبراطورية البريطانية التى لا تغيب عنها الشمس. كما لها أن تندثر بفعل إفاقة الناس بصحوة الضمير العالمى كما حدث وشهدنا المظاهرات التى جابت الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة بسبب عدم جدوى ما تفعله الإدارة الأمريكية تجاه سطوة القوة ونصرة المتجبر وقهر الضعيف، تحت ضغط من اللوبى الصهيونى.
واحد من أهم الأسباب التى ستجعل هذا الكيان فى زوال هو أنه لن يحصل على ما يريد من دعم إقليمى. فمهما بلغ هذا الدعم من مساندة من قبل أنظمة أمعنت فى التطبيع المجانى معه، فلا بد أن تجد تلك الأنظمة نفسها فى مأزق الدعم الشعبى لأنظمة الحكم فيها، وبالتأكيد ستختار فى النهاية الدعم الشعبى.
أبرز الدروس الدالة على ما قيل آنفا الدولة الصليبية التى بقت فى المنطقة من 1098-1291م، انتهت فى نهاية الأمر إلى زوال بعد استيطان واستكبار واستجبار استمر نحو قرنين من الزمن. انتهت الدولة الصليبية بعد أن انتهى الدعم الغربى لها، ومات كل الخونة فى الإقليم، وكان ذلك كله بفضل شعوب المنطقة التى قاومت ببسالة حتى تم دحرها.
اليوم ونحن على مشارف حرب إقليمية لن يسعف الكيان الصهيونى أى دعم أمريكى مهما بلغ حجمه، فهم فى النهاية غرباء، حتى لو ولد بعضهم فى فلسطين، وهو فى النهاية امتداد لحضارة مغايرة لحضارات المنطقة، هم مستعمرون لا يشعرون بالثبات على الأرض أو امتلاكهم إياها، لا سيما بعد أن أسقط بعضهم ادعاء الصهاينة منهم بأن تلك البقعة من العالم لا وجود لهيكل سليمان بها، وليست أرضا للميعاد، وأن قتالهم فيها الذى دعا له المولى عز وجل لم يكن إلا لدحر قوة العمالقة، وانتهى الأمر عند هذا الحد بعد دخولهم فلسطين.
تقاتل اليهود مع بعضهم، وقتلوا من أنفسهم أضعاف ما قتلوا من عماليق، وحرفوا التوراة لتبرير حمامات الدم إزاء أصحاب الأرض، وقتلوا الكثير من أنبيائهم وشوهوا دينهم أيما تشويه. جاءوا بالمشناة وأشعياء والتلمود وغيرها ممن سطره أحبارهم لتكريس النهب والسلب. وعقب السبى الآشورى ثم البابلى ثم الرومانى طرد هؤلاء من المنطقة التى أصبحت تدين منذئذ بعبودية الإله الواحد، وبدأ ما أسموه اليهود بالشتات. هنا بدأت الحركة الصهيوينة التى رصدت عينها على تجميع اليهود منذ قرن ونيف فى تلك المنطقة بعد أن رسم الغرب عدة بدائل مكانية لها.
التواجد الصهيونى فى المنطقة بعدما تشهده من حرب تلو الأخرى نتيجة أفعال تلك الفئة المستعمرة، فى زوال بسبب التوسع وعدم الرضاء حتى بعدما قدمه لها القرار الجائر للأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947، فراح هؤلاء فى حملات توسع الحملة تلو الأخرى، ولم يبق للسكان الأصليين شىء سوى الفتات.
جولة اليوم من القتال غير مسبوقة، ولن تكون فى صالح العدو. هى جولة لن تخلق قوى إقليمية جديدة كما ترغب إسرائيل، بل ستؤكد أن التحرر من الاستعمار هو السبيل للعيش فى سلام.