اليمين الأمريكى وبوتين.. علاقة خاصة غريبة

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الأحد 5 يناير 2014 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

كتب هارولد ميرسون، كاتب عمود فى الشئون السياسية والمحلية الأمريكية، مقالا بعنوان «بوكانان وبوتين.. علاقة خاصة غريبة» نشر بجريدة الـ«واشنطن بوست» تحدث خلاله عن الصراع المعهود بين القيم التقليدية وقيم الحداثة، لا سيما ما يتعلق منها بعلاقة الزواج، الطبيعى منه والمثلى، حيث أشار إلى توجهات الرئيس الروسى بوتين، واصفا إياه بالمحافظ التقليدى. لفت الكاتب فى مقاله إلى أن المسار المتوقع هو وجود اتحاد على مستوى أفقى بين محافظى العالم فى مواجهة العلمانية وقيمها الحداثية. يبدأ ميرسون مقاله بالحديث عن ضرورة تنبيه بوكانان إلى تبادل التحالفات فى الصراع بين التقليد والحداثة. ففى حين لم تعد مشاكسة بوكانان فى المعارك الثقافية تتصدر الأخبار منذ وقت بعيد، إلا أن طلته الأخيرة جاءت مفاجئة. فمنذ أيام كتب على موقع يمينى التوجه على الإنترنت، معلنا أنه وجد نجما جديدا وسط قدامى المحافظين: فلاديمير بوتين.

•••

كما تحدث الكاتب عن ملاحظة بوكانان بشأن مقال «هل بوتين واحد منا؟»، فبينما تتخلى الولايات المتحدة عن التعاليم الدينية، وتتبنى «زواج مثليى الجنس، والمواد الإباحية، والاختلاط، وغطاء كاملا من قيم هوليوود»، يقف بوتين مدافعا عن الفضائل القديمة. وفى الواقع، يبدو بوتين على نحو متزايد مثل بوكانان نفسه. وقال بوتين إن التسامح مع العلاقات الجنسية بين المثليين «اقرار بالمساواة بين الخير والشر. وقد أخذت الولايات المتحدة على عاتقها تدمير القيم التقليدية» وتشجيع «الأفكار المجردة» (هل هى أفكار المساواة؟ أو الديمقراطية؟ أو السعى لتحقيق السعادة؟)، وقد وضعت نفسها فى مواجهة الجزء الأكبر من البشرية والعقيدة الدينية فى كل مكان. ولم يكتف بوكانان بالتهليل لبوتين بسبب «وضوحه الأخلاقى». فأشار إلى أنه ربما كان هناك تيار محافظ عالمى جديد بسبيله للتشكل، ولا بد من تشكيله. وكتب أنه على الرغم من أن العديد من الأمريكيين «مازالوا محاصرين فى صيغة الحرب الباردة، ربما تكون معركة القرن الحادى والعشرين أفقية، حيث يحتشد المحافظون والتقليديون فى كل بلد ضد العلمانية المتشددة لنخبة متعددة الثقافات وعابرة القوميات». وقد عاد بوكانان إلى مواقفه القديمة. حيث نشأ فى أسرة تميزت بدعمها القوى لفرانشيسكو فرانكو الفاشى فى حربه ضد حكومة إسبانيا الديمقراطية العلمانية، وقال إنه قد تحول فى عمر الخامسة والسبعين إلى الزعيم الروسى المستبد المعادى للغرب.

•••

واستدرك الكاتب، لينبه القارئ بأنه ليس هنا بصدد الحديث عن حياة بوكانان، ولكن رأيه فى أن اليمين الثقافى الأمريكى يشترك مع أعداء التنوير أينما كانوا. وهو يشيد بالقرار الأخير للمحكمة العليا بعودة قانون 1861 الذى يجرم ممارسة الجنس بين المثليين. ولاحظ باستحسان «أن الزواج من نفس الجنس أمر غير وارد إطلاقا فى أربع عشرة دولة تسكنها غالبية مسلمة».

وربما يبدو الأمر دربا من الجنون، لكن ربما كان هناك نموذج قومى أوروبى بسبيله للتحقق. ففى الشهر الماضى، أعلنت مارين لوبان من الجبهة الوطنية فى فرنسا وجيرت فيلدرز من حزب الحرية الهولندى، والحزبان لهما تاريخ طويل من العداء للمهاجرين والمسلمين ومناهضة ديماجوجية الاتحاد الأوروبى، أنهما تعتزمان شن حملات مماثلة فى انتخابات البرلمان الأوروبى العام المقبل وتشكيل كتلة فى البرلمان بمجرد انعقاده. وفى عام 2007 تشكلت مثل هذه الكتلة لفترة وجيزة تحت شعار «الهوية والتقاليد والسيادة»، لكنها انهارت بعدما أشارت أليساندرا موسولينى (نعم، حفيدة موسولينى) عضو البرلمان الأوروبى عن إيطاليا، إلى أن الرومانيين اعتادوا انتهاك القانون. فانسحب الأعضاء الرومانيون من كتلة «الهوية، والتقاليد، السيادة».

•••

بعد تناول الكاتب لمخاطر التعصب الدولى، رأى أن بوكانان اعتقد أن الأمر يستحق المخاطرة. فبالنسبة لبوكانان، يبدو أن نفور بوتين من العلمانية يوازن قمعه للمعارضة السياسية. كما يبدو أن سجنه مجموعة من عازفى موسيقى الروك أحيوا حفلا موسيقيا مستهترا فى كاتدرائية، يوازنه أيضا. فإذا كانت المعركة بين الديمقراطية والعقيدة الدينية، فما كان صحيحا فى أيام فرانكو، يصح فى حالة بوتين: لا بد أن تسود العقيدة الدينية. واختتم الكاتب مقاله بالنداء التالى: «إنه التعصب الدولى، يا متعصبى العالم، اتحدوا» !

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved