السيسى ومراجعة الضمير

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: الأحد 4 يناير 2015 - 8:30 ص بتوقيت القاهرة

إن الكلمات المرتجلة لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى فى عيد المولد النبوى الشريف هى صرخة لإيقاظ الضمير المصرى ــ ضمير كل المصريين ــ هى دعوة لفحص الضمير.

وأحب أن أحيى الرئيس على صراحته الفائقة فهو لا يحابى ولا يدارى بل أشار على الأمراض الحقيقية التى تعترى الجسد المصرى بل قال علانية وبصوت مرتفع ومسموع ما يقوله همسا المفكرون، فهو اليوم أول من يطالب المؤسسات الدينية بتجديد الخطاب الدينى والدعوة بالحسنى وتصحيح الأفكار والمفاهيم التى ليست من ثوابت الدين، هذا المطلب الأول كان مطلبا من قبل الكثيرين منذ عدة سنوات حتى أنه تم تخصيص لجنة خاصة لتصحيح الخطاب الدينى فى «بيت العائلة» والتى قدمت دراسات قيمه فى هذا المجال، كما أشار وزير الأوقاف إلى أن هذا العام الجديد سيكون عام «الخطاب الدينى»، ونحن ندعوه هنا لوضع آليات تسرع من عملية التجديد، كما ندعو لمراجعة مناهج الأزهر الشريف وغيرها، والأهم هو العمل على تغيير أذهان القائمين على التعليم حتى ينقلوا للأجيال القادمة دينا «لا يتصادم ولا يقصى الآخرين»، كما أشار إلى ذلك السيد الرئيس. المطلب الثانى هو الثورة الأخلاقية الجادة وتطبيق صحيح الدين وترجمتها فى السلوكيات، فتسأل الرئيس قائلا: «هل نحن صادقون فى كل أعمالنا.. وهل العوام يلتزمون بالصدق والأمانة والإخلاص عند أداء مهامهم؟» وهنا علينا أن نعترف أن المصريين فقدوا كثيرا فى الأونة الأخيرة من قيمهم السلوكية، وهذا يتطلب مجهودا شخصيا من كل مصرى أن يراجع ضميره ويطبق الصدق والأمانة والأخلاص فى كل ما يعمل حتى يكون تطبيقا حقيقيا لمن تطلب منا الأديان، والمطلب الثالث ما قاله الرئيس «نريد أن يتحول الإتقان فى العمل إلى جزء من تكويننا.. فعدم الإتقان عبء ضخم لأننا لا نملك رفاهية إعادة العمل»، وعلينا أيضا ان نعترف بأن الإتقان ليس سمة رئيسية فى قيمنا فنحن نهدر كثيرا من المال والوقت والجهد بسبب عدم الإتقان ومع ظروفنا الاقتصادية لا نملك أن نهدر بل أن نتقن فى العمل ولنقدم الجودة فى الإنتاج وهذا ما تطلبه منا أدياننا. فما أكده الرئيس فى خطابه أن مصر تحتاج إلى ثورة ضمير وأخلاق لإعادة بناء الإنسان المصرى وبالتالى بناء الدولة المصرية الحديثة.

إن خطاب السيد الرئيس لم يكن خطابا موجها للمسلمين فقط بمناسبة المولد النبوى الشريف بل موجها لكل المصريين ففحص الضمير هو واجب كل مؤمن حتى يصحح المرء من نفسه ويغيير مناطق الخلل أو الخطاء فى ذاته ويعمل سريعا على تصحيحها حتى يستفيد الشخص والمجتمع من هذه المراجعة، وأحب أن أشكر السيد الرئيس ووزير الأوقاف والإمام الأكبر على تهنئتهم للمسيحيين تهنئة قلبية حقيقية بل ومرات عديدة خلال خطاباتهم برأس السنة الميلادية والأعياد المسيحية فأصبحت الدولة الجديدة تظهر محبتها واحترامها لشركاء الوطن وهذا تطبيق عملى لمراجعة الضمير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved