محلب يزرع شجرة

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 4 يناير 2016 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

قبل أكثر من مئة يوم، شكل المهندس شريف إسماعيل حكومته، مدشنا يومها الأول بالإيحاء أن عهد الجولات الميدانية الذى انتهجه سلفة المهندس إبراهيم محلب قد ولى، فقد جاء وقت التخطيط والمتابعة من داخل ديوان الحكومة، للمشروعات الكبرى، وعدم إضاعة الوقت فى اللف على مواقع العمل التى تستهلك الجهد فى الهواء الطلق.

كان محلب يستيقظ فى الصباح الباكر، متنقلا بين عدة أماكن، لدرجة دفعت بالبعض إلى إطلاق لقب «أبو خطوة» عليه، لفرط تواجده فى أكثر من مكان فى اليوم الواحد، وبما جعل الإعلام يلهث وراء تنقلات الرجل الذى لم يبخل حتى اليوم الأخير فى حكومته على اتباع سنته الحميدة فى الدفع قدر الإمكان بما يمكن أن يكون – من وجهة نظره مفيدا للإنجاز، والحث على العمل بروح حماسية.
غير أن مشكلة محلب كانت مع بعض مثبطى الهمم، وهواة وقف المراكب السايرة الذى راحوا يتهمون الرجل بأنه كثير الحركة، وأنه يفتقد إلى الرؤية، رغم أن رئيس الحكومة، والكل يعلم، رجل تنفيذى كنا نحتاج لإدائه على هذا النحو لتقليل الفجوات وتجنيب المعوقات التى شهدتها المشروعات المهمة، بسب ما مرت به مصر من أحداث عقب ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث عطلت، إن لم تجمد المشروعات الحكومية المرتبطة بالعملية التنموية.
اليوم نتساءل هل قدمت حكومة المهندس شريف إسماعيل رؤية واضحة لعملها، تلبى رغبات من كانوا يتهمون حكومة محلب بعدم امتلاكها؟ ألم يلجأ إسماعيل ووزراؤه والمحافظون القديم منهم والجديد، إلى المسارعة إلى الأسلوب ذاته الذى اتبعه محلب فى هجر الدواوين والتوجه إلى الميادين، لدفع العجلة إلى الأمام، بعد أن اكتشفوا أن الحمل ثقيل والتغافل عما يدور فى المواقع الإنتاجية والخدمية، سوف يكون مفتاحا لمشاكل نحن فى غنى عنها؟!
لن أنكر انحيازى لأداء المهندس إبراهيم محلب منذ أن كان وزيرا للإسكان، وخلال فترة توليه الوزارة، رغم اختلافى مع بعض قرارته، غير أن هذا الانحياز لن يكون حجر عثرة أمام توجيه سؤال للمهندس شريف إسماعيل عن رؤية الحكومة لمختلف القضايا والتحديات المطروحة على الساحة، إذا كانت بالفعل هذه الرؤية موجودة؟!
طبعا لا نريد أن نحمل الحكومة الحالية تراكمات سنوات طويلة من الفشل والإهمال لكافة قطاعات الدولة، وما نراه من كوارث بغرق المدن والمحافظات الساحلية، غير أننا نتساءل أيضا عن دورها فى حماية الأبرياء من تقاعس الوزارات والجهات الرسمية عن تطبيق القانون الذى يمنع كوارث غرق المعديات والعبارات فى النيل من وقت لآخر، مع استمرار تنصل كل جهة من مسئوليتها، وكأن الكارثة تحدث فى «الواق الواق».
لقد واجه محلب خلال فترة توليه رئاسة الحكومة تحديات عظام، وعمل فى ظل ضغوط رهيبة، اجتهد الرجل قدر استطاعته، نجح فى ملفات ولم يحالفه الحظ فى أخرى، لكن بقى أن إخلاصه وتفانيه فى حمل المسئولية لا ينكره إلا مغرض يبخس الناس أشياءها، ففرق كبير بين من يعمل ويخطئ، ومن يتكاسلون بل ويهملون فى أداء واجبهم.
وأخيرا.. مشهد المهندس إبراهيم محلب وهو يمسك بجاروف لغرس شجرة فى الفرافرة، لحظة إطلاق مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، ملخصة لرؤية الرجل للحياة، فهو عملى ينتصر للنشاط والحركة، ومحب للعطاء، إلى آخر لحظة فى الحياة، أمد الله فى عمره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved