قرار ترامب.. وانتفاضة الأحرار فقط

ناجح إبراهيم
ناجح إبراهيم

آخر تحديث: السبت 4 فبراير 2017 - 11:00 ص بتوقيت القاهرة

• هل الشعوب الغربية أكثر حيوية وانفتاحا من الشعوب العربية، هل هى أكثر حساسية لأى انتهاك للحريات العامة والديمقراطية، إننى أعجب للشعب البريطانى الذى لن يمسه قرار ترامب الأخير بحظر دخول 7 جنسيات مسلمة إلى أمريكا، ولن يضره فى شىء، ولكنه انتفض ضد هذا القرار انتفاضة الأسد الهصور دفاعا عن الحريات العامة للآخرين وحقوقهم المتكافئة فى الحياة، ففى عدة أيام فقط وقع أكثر من مليونى بريطانى على وثيقة ترفض وتدين القرار، وترفض أيضا زيارة ترامب المقبلة لبريطانيا.


• هذا الشعب الحر أجبر رئيسة الوزراء البريطانية أن تخرج عن صمتها الدبلوماسى تجاه قرار ترامب وتعلن إدانتها للقرار نزولا على رغبة شعبها، قد يكون لها رأى موافق للقرار، ولكن شعبها أهم لديها من ترامب وأمريكا والدنيا كلها فهو الذى انتخبها وجاء بها للسلطة، ما هذه الحيوية فى هذه الشعوب؟!


• إنهم لا يدافعون عن الإسلام أو المسلمين والعرب ولكنهم يدافعون عن المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات العامة التى لو انتهكت ضد البعض فسوف تلحق حتما بالآخرين.


• أما نواب البرلمان البريطانى وخاصة حزب العمال فقد وصفوا القرار بأشنع الأوصاف، سبحان الله، إذا كان هذا رد فعلهم والقرار لا يمسهم فما بالنا لو كان القرار موجها ضدهم، تذكرت مظاهراتهم العارمة ضد تونى بلير وغزوه للعراق.
• قارنت بين حالة البريطانيين وحال الشعوب العربية التى لم تحرك ساكنا ضد القرار وكأن الشعوب الأخرى الإسلامية والعربية التى أصابها القرار لا تعنيها.


• قارنت بين البرلمان البريطانى والبرلمانات العربية التى صمتت صمت القبور تجاه القرار منتظرة التعليمات الحكومية، وكأن المواطن اليمنى والسورى والسودانى والعراقى والصومالى والإيرانى لا يعنيها فى شىء وليس من أشقائها.
• قرار ترامب كان فيه من الغباء والعنصرية ما فيه، لم يحظر الرعايا فقط ولكنه حظر أطقم الطائرات من هذه الجنسيات السبع مما سبب ارتباكا لحركة الطيران العالمية غير مسبوقة، فهذه طائرة أردنية أو إماراتية أو سعودية يقودها طيارون من أصحاب الجنسيات السبع المحظورة، كيف تعود مرة أخرى وكيف لا تدخل أمريكا؟!.


• لم يدرس القرار حالة مزدوجى الجنسية التى سببت مشكلة ضخمة كأن يكون فرنسيا يحمل جنسية أخرى إيرانية أو عراقية أو يمنية، أو كنديا أو استراليا يحمل جنسية أخرى صومالية أو عراقية أو إيرانية.


• تركت الشعب البريطانى ثائرا غاضبا ضد القرار وتأملت حالة الأمريكيين الذين لم يسبب لهم القرار أى ضرر مادى فإذا بهذا الشعب ينتفض ضد القرار باستثناء اليمينيين، فهذه وزيرة العدل بالوكالة رفضت تنفيذ القرار لأنه غير دستورى وغير أخلاقى حسب قولها مما أدى لخسارتها للمنصب الرفيع.


• ينبغى أن نتعلم من هذه المرأة كيف تضحى بمنصب من أرفع المناصب ومرتب يجاوز الملايين فى العام من أجل الدفاع عن حقوق الآخرين فى العالم، امرأة بألف رجل من شباب العرب الذى يعيش أغلبه مغيبا عن مصالحه الحقيقية أو مصالح وطنه.
• أما النائب العام فى واشنطن فقد رفض القرار وأيده فى ذلك حاكم ولاية واشنطن، وكلاهما تعهد برفع دعوى ضد هذا القرار، بلغ مجموع الدعاوى التى رفعها الأمريكيون ضد القرار حتى الآن مائتى دعوى قضائية فى المحاكم الأمريكية، هؤلاء هم الأحرار حقا الذين يدافعون عن المبادئ حتى لو لم يضرهم غيابها.


• أما الرئيس الأمريكى السابق «أوباما» فقد شجع المتظاهرين الأمريكيين ضد القرار، وقد تجمع مئات المتظاهرين والحقوقيين فى سان فرانسيسكو احتجاجا على القرار.


• بل إن حاكم فرجينيا رفض القرار صراحة دون خوف أو وجل، لأنه حر وجاء لحكم الولاية عن طريق الانتخابات وليس التعيين مثل بلادنا العربية، فهو مستقل وليس لديه نقطة ضعف يخاف منها، ولا يستطيع الرئيس عزله ولذلك قال حاكم فرجينيا: «إنه لا يمكن السماح بالإجراءات العنصرية التى تتخذها إدارة ترامب وتغذى الكراهية».


• وقد رفض القرار أيضا ممثلو الادعاء فى 16 ولاية أمريكية وأصدروا بيانا بذلك وسيرفعون دعاوى قضائية لإبطال القرار، هذه الشعوب حية ونابضة وفتية.


• لقد رأى هؤلاء جميعا أن الأسبوع الأول من حكم ترامب يعد الأسوأ فى تاريخ الرؤساء الأمريكيين على مر التاريخ، وجلهم يعتبر القرار عنصريا وليس سياديا كما يظن بعض العرب، ويعتبرونه يعارض أبسط حقوق الإنسان، كما يصطدم مباشرة مع مبادئ الدستور الأمريكى الذى كان يفخر واضعوه دوما بأنه «وضع للناس جميعا وليس للأمريكان فحسب، وأن القرار فيه تعميم مخل، لا يرضاه الدستور الأمريكى الذى يعارض التمييز على أساس العرق أو الدين أو الموقف السياسى.


• أى شعوب تلك وأى حكومات، فهذا الرئيس الفرنسى هولاند يندد بالقرار، أما المستشارة الألمانية ميركل فتصفه بأشنع الأوصاف، فضلا عن رئيس الاتحاد الأوروبى الذى قال: إن القرار يمثل خطرا إرهابيا على أوروبا، فإذا نظرت فى المقابل لبعض العرب الذين أيدوا القرار دون مراعاة مشاعر الدول السبع وشعوبها وتاريخها وإرثها الحضارى الكبير فإنك تشعر بالكارثة الكبرى.


• إن تأييد مثل هذه القرارات من بعض الدول العربية والإسلامية أو السكوت عليها يعد خطأ وخطرا استراتيجيا ومنزلقا أخلاقيا وإنسانيا، فترامب يريد السيطرة على بترول العراق والخليج.
• لماذا لم نسمع صوتا للأزهر أو الجامعة العربية أو منظمة العالم الإسلامى فى هذه القضية حتى الآن.


• والغريب أنه يعاقب العراقيين على ذنب لم يرتكبوه، وقد كان العراق فى عهد صدام لا يعرف الإرهاب ولا داعش ولا الحشد الشعبى حتى جاء بوش الابن بجيوشه فدمر العراق وجعلها شيعا وأحزابا وميليشيات عسكرية ونهبا للصراع المذهبى والعرقى، وقسمها لصالح إسرائيل ودمر «بريمر» الأمريكى جيشها ونهب ثرواتها ويعاقب السوريين على جرم لم يرتكبوه، فأمريكا هى التى شجعت الجميع على تسليح الثورة السورية سلاحا محدودا لا ينصرها ولا يهزمها ليبقى الصراع مستمرا حتى تقسيم سوريا.


• وينسى ترامب أن أحد أجداده هو الذى قتل مائة ألف مرة واحدة فى هيروشيما وآخر فعل مثل ذلك فى ناجازاكى.
• سلام على الشعوب الحية والأمم اليقظة فى كل مكان، سلام على الأحرار فى كل زمان حتى وإن لم يكونوا من ديننا أو أمتنا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved