هل تمنى البعض هزيمة المنتخب؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 4 فبراير 2017 - 11:05 ص بتوقيت القاهرة

أصبت بصدمة هائلة حينما علمت أن هناك مصريين كانوا يتمنون هزيمة منتخبهم الوطنى لكرة القدم خلال بطولة الأمم الافريقية المقامة حاليا فى دولة الجابون، والذى سيلعب المباراة النهائية مساء غد الأحد إن شاء الله.
لم أقابل هؤلاء الأشخاص لكن أحد الأصدقاء قال لى إنه تناقش بالفعل مع عينة منهم. هم يعيشون على تراب هذا الوطن ويتنفسون هواءه. سألت الصديق: أى عينة من البشر هؤلاء؟


قال لى: لا أعرف لكن هم موجودون، وعندما سألته عن كيف وصلوا إلى هذه الحالة المستحيلة؟. قال إنهم يعتقدون أن فوز المنتخب المصرى فى أى مباراة، سوف يصب فى صالح الحكومة والرئاسة وكل الذين ساعدوا فى إخراج جماعة الإخوان من الحكم.
لم أصدق ما سمعته، حتى فوجئت بشخص آخر يحكى لى عن نماذج مماثلة صادفها فى أماكن أخرى مختلفة، وخلاصتها أن هؤلاء لا يتمنون الفوز لبلدهم.


شخصيا أعرف بعض المنتمين لجماعة الإخوان أو المتعاطفين معها، وللامانة كانوا يشجعون المنتخب الوطنى بحرارة ويتمنون فوزه، ويفرقون تماما بين خلافهم مع الحكومة والنظام، وبين هذا الفريق الذى يفترض أنه يمثل مصر بأكملها.


لكن لم يخطر على بالى أن يكون هناك بعض الناس، قد أصابتهم لوثة بحيث يتمنون فوز المغرب الشقيق على مصر، لمجرد أن الحزب الحاكم هناك قريب من أفكار جماعة الإخوان، أو يتمنون أن نُهزم من بوركينا فاسو حتى لا يحسب الفوز لمصلحة الحكومة!!.
للأسف الشديد وجود مثل هذه الحالات أو «العاهات» بتعبير أدق، يعنى أن أمامنا وقتا طويلا حتى نبدأ فى السير على الطريق الصحيح.


حينما فاز منتخبنا الوطنى ببطولة أمم افريقيا ثلاث مرات متتالية أعوام ٢٠٠٦ و٢٠٠٨ و٢٠١٠ تحت قيادة المدرب الوطنى القدير حسن شحاتة، كان يحكم مصر حسنى مبارك، وكان أكثر من نصف المصريين يعارضونه، أو حتى لنفترض أنهم ربع المصريين، ورغم ذلك كنا نخرج جميعا فى مسيرات حاشدة ليس فقط فى مصر ولكن خارجها. والعبدلله احتفل فى شوارع دبى والشارقة مرتين بفوز مصر بهذه البطولة مع العديد من المصريين أثناء عملى فى جريدة البيان الإماراتية فى ذلك الوقت.


حسنى مبارك كان رئيسا لمصر، وقتها، مثلما ان عبدالفتاح السيسى رئيس لها الان. ومنتخب مصر لا يمثل الحكومة وحدها أو الرئيس، بل يمثل كل المصريين، حكومة ومعارضة، مسلمين ومسيحيين، صعايدة وبحاروة، زملكاوية وأهلاوية وسائر الأندية والفئات والقطاعات والمناطق المختلفة.


فى الأسبوع الماضى، ومع تقدم المنتخب الوطنى فى مشوار البطولة، ناقشت واستمعت وحاورت الكثير من المصريين من سائر الفئات.
فجأة اختفى الجدل بينهم، وتناسى الناس مؤقتا الأزمة الاقتصادية الصعبة التى «يقاسون فيها الأمرين» نسوا كل شىء، وشجعوا منتخبهم وفرحوا لفوزه وهللوا له واحتفلوا به.


لم يكن غريبا أيضا أن يفرح ويحتفل غالبية الإخوة العرب لفوزنا. رأينا ذلك فى احتفالات الاشقاء السودانيين بفوز منتخبنا على بوركينا فاسو ليلة الأربعاء الماضى فى شوارع الخرطوم، وكذلك الأشقاء الفلسطينيين فى شوارع غزة، والأشقاء الليبيين فى شوارع أجدابيا ومدن ليبية مختلفة، إضافة بالطبع إلى المصريين فى أى مكان بالخارج خصوصا فى المدن العربية المختلفة. الفرح بفوز المنتخب لا يعنى تأييدا للحكومة، ولا يعنى ان الناس نست أو تناست ان هناك ازمة اقتصادية. فقط الشعور السوى والطبيعى يجعل الناس تفرح لان فريق بلدها فاز فى مباراة مهمة أو بطولة غالية.


من أجل كل ذلك فإن أى شخص تمنى هزيمة فريق بلاده لمجرد أنه مختلف مع الحكومة أو مع الرئيس، هو غير مواطن سوى بالمرة، وينبغى أن يذهب إلى أقرب عيادة نفسية!!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved