عودة إلى الجامعة

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 4 فبراير 2020 - 9:15 م بتوقيت القاهرة

وافق المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية ــ منذ أيام ــ على منح الجامعات الخاصة أحقية التسجيل لدرجتى الماجستير والدكتوراه. بالطبع القرار مشفوع ببعض الضوابط التى يتعين على الجامعات استيفاؤها، منها وجود قاعدة من أعضاء هيئات التدريس من درجة أستاذ، والالتزام بالقواعد المتبعة فى الجامعات الحكومية فى هذا الشأن. القرار به جوانب إيجابية كثيرة أهمها تطوير الجامعات؛ حيث إن هذه الخطوة تسهم فى تعظيم القدرات العلمية والبحثية بالجامعات، وتخفف الضغط على الجامعات الحكومية. وقد تكون هناك مخاوف مشروعة، ترددت بالمناسبة عند إنشاء الجامعات الخاصة، منها أن تصبح مجالا لمنح درجات الماجستير والدكتوراه دون التقيد بالضوابط، ولكن هذه مسألة تنبع من عقدة «الخاص»، لأن الناس لا تزال تعتقد أن العام أكثر انضباطا من الخاص، وقد يكون الأمر كذلك فى مجالات عديدة، ولكن دعنا أيضا نعترف أن كثيرا من الرسائل العلمية التى نوقشت فى الجامعات الحكومية على اختلافها لم تكن على المستوى المرجو، ولم تسهم فى تطوير العلم أو المعرفة، ولم تقدم إبداعا فى مجال من المجالات. ومن ناحية أخرى، فإن الكثير من الجامعات ذات الأسماء الرنانة فى الخارج هى «خاصة» بمعنى ما، أى أنها لا تدار بواسطة هيئات حكومية، ولها باع طويل فى البحث العلمى، وقاعاتها ودورياتها وإصداراتها وباحثوها ملء السمع والبصر عالميا.
إذن المسألة ليست فى التفرقة بين العام والخاص قدر ما تتعلق بالقاعدة العلمية المتوفرة فى الجامعات، وتتمثل فى المكتبة، حركة النشر العلمى، والقواعد الإدارية. لا أتصور أن تقوم جامعة بمنح درجتى الماجستير والدكتوراه دون أن تتوفر لديها مكتبة وفق المعايير العلمية، وليس معقولا أن يسجل الباحث أطروحته فى جامعة، ويذهب إلى مكتبة جامعة أخرى، وهو الحال الذى عشنا فيه لسنوات طوال عندما كنا طلابا فى مرحلة الدراسات العليا حيث اعتدنا أن نبحث عن المراجع والدوريات فى مكتبة الجامعة الأمريكية. أظن أن الحال اختلف الآن، خاصة بعد وجود نوافذ معرفة جديدة فى الجامعات أو مكتبة الإسكندرية أو الأرشيف الرقمى الذى يستعين به الباحث، ولكن تظل المعضلة الأساسية فى وجود المكتبة ذاتها، وحداثة ما تحويه خاصة الدوريات العلمية. الأمر الثانى، أن يكون لدى الجامعات الخاصة أعضاء هيئة تدريس على درجة أستاذ، وهو ما نص عليه قرار المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية، والأهم فى رأيى أن تسهم هذه الجامعات فى تطوير المعرفة العلمية، من خلال تبنى قضايا علمية جديدة، والانشغال بالقضايا التى تهم العالم، وأن تتمتع بمساحة من الحرية فى اختيار الموضوعات، وأن يكون لديها دور نشر خاصة بها بهدف نشر الأعمال العلمية المتميزة مثل جامعتى أكسفورد وكامبريدج كماثل فى بريطانيا، وأظن أن هذه المسألة ينبغى أن تكون من المعايير التى يحتكم إليها فى تقييم الجامعات، أيا كانت، عامة أو خاصة، لأن النشر العلمى عنوان التقدم فى البحث الأكاديمى، ولا يكفى أن تصدر كتب أو أعمال مؤتمرات أو تكون لدى كل كلية مطبوعة خاصة بها، ولكن الجامعة نفسها يتعين أن تحوى دار نشر تعنى بإتاحة المعرفة العلمية داخلها وخارجها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved