الشرق الأوسط ــ لندن: أصداء انقطاعات الطاقة فى ولاية تكساس

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الخميس 4 مارس 2021 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى، تحدث فيه عن أسباب انقطاع الكهرباء عن ولاية تكساس قبل أيام رغم أنها «عاصمة الطاقة العالمية»، وكيف فشلت فى توفير الإمدادات اللازمة.. جاء فيه ما يلى.

أدت العواصف الثلجية والصقيع فى ولاية تكساس مؤخرا، إلى بروز ردود فعل محلية، أمريكية وعالمية. فقد قضى سكان الولاية أياما عدة دون مصادر للطاقة مما أدى إلى وفاة أكثر من 20 شخصا نتيجة فقدان إمكانيات التدفئة، أو حتى مياه الشرب. لقد أدى الصقيع إلى زيادة ضخمة وسريعة فى الطلب على الكهرباء، أكثر مما هو متوافر للقطاع، ومن ثم الاضطرار إلى تقنين الكهرباء وتدويرها على المناطق لتقليص الاستهلاك.
تشير معلومات البنك الدولى أن هناك انقطاعات كهرباء مستمرة ومتقطعة لحوالى 800 مليون نسمة عالميا. وأن عشر دول عربية (نفطية منها وغير نفطية) عانت من الانقطاعات الكهربائية مؤخرا.
أثار انقطاع الكهرباء بسبب الصقيع أسئلة عدة حول أداء إدارات الكهرباء والطاقة فى الولاية ذات 29 مليون نسمة. والسؤال الرئيس هو: كيف يتم توقف الإنتاج البترولى والتكرير والكهرباء وطاقة الرياح فى وقت واحد. بمعنى آخر، لماذا أخفقت إدارة الطاقة فى تكساس فى تأمين الإمدادات اللازمة عند الأزمات؟
تكمن إحدى مشاكل ولاية تكساس، أن قطاعها الكهربائى يدار كليا من قبل القطاع الخاص. كما أنه غير متصل مع كهرباء الولايات المجاورة، مما يعنى أن تكساس لا تستطيع الاستعانة عند الطوارئ من إمدادات الولايات الأخرى، أو أنها لا تخضع لمراقبة السلطات الفيدرالية التى تستطيع أن تراقب أو تساعد. والمسئول عن إدارة قطاع الكهرباء فى الولاية «هيئة الاعتماد الكهربائى لتكساس» (اركوت) التى سيجرى استجواب كبار المسئولين فيها لمحاسبتهم عن الأزمة. إلا أن هناك تباينا فى الآراء حول مسئولية الانقطاعات. فحاكم الولاية الجمهورى ألقى مسئولية انقطاع الكهرباء على انقطاع طاقة الرياح لعدم تمكنها من سد الفجوة أثناء الصقيع والعواصف.
تزامن انقطاع كهرباء تكساس مع بداية حملة إدارة بايدن فى الدعوة لتقليص الانبعاثات الكربونية والاعتماد الأوسع على الطاقات النظيفة. وستشكل تجربة تكساس موضوعا بارزا فى النقاشات الأمريكية المستقبلية لهذا الحوار.
من جانبه، أدى انقطاع الإنتاج البترولى وإغلاق الممرات البحرية لناقلات النفط إلى تقلص إمدادات النفط العالمية. الأمر الذى أدى بدوره إلى إعطاء زخم أكبر لارتفاع أسعار النفط من حوالى 55 ــ 60 دولارا إلى نحو 60 ــ 65 دولارا. كما ستأخذ تجربة تكساس أبعادا عالمية للنقاش حول زيادة الاعتماد على الطاقات النظيفة. فالسؤال: ما هى المسيرة الأنجع للتحول إلى طاقات أخرى. بالذات أن طاقة الرياح الواسعة فى تكساس لم تف بالغرض؟
ويتوقع أن تثير أوساط الحزب الجمهورى وجماعات الرئيس السابق ترامب معارضة شديدة للانتقال إلى الطاقات النظيفة بحجة أنها مضرة بالاقتصاد الأمريكى. وستستعمل المعارضة تجربة تكساس هذه كإنذار لما يمكن أن يحصل من انقطاعات، رغم أن الصقيع أوقف العمل بالإنتاج البترولى ومصافى التكرير ومحطات طاقات الرياح فى آنٍ. من ثم: كيفية إدارة قطاع الطاقة برمته، وكيفية يمكن التأكد من سلامة عمله أثناء الأزمات؟
إلا أن السؤال الآخر الذى سيتم طرحه أيضا هو: هل يمكن الاعتماد على شركات القطاع الخاص فقط، كما هو الأمر فى تكساس، وعدم مشاركة القطاع العام فى الإنتاج والرقابة؛ إذ أن غياب دور رقابى للسلطات الحكومية مهم، وكذلك التعاون مع شبكات المناطق المجاورة لسد النقص أثناء الذروة. وهناك ظاهرة أخرى لدور الشركات فى أزمة تكساس، ففاتورة الكهرباء ترتفع مع ازدياد الطلب وانخفاض الإمدادات. ووصلت قيمة الفاتورة الشهرية آلاف الدولارات مما أثار ضجة كبرى. من الواضح فى تجربة تكساس هو إخفاق تشبث سكان الولاية بثقافة وحدانيتهم وخصوصيتهم فى العمل.
وستقود تجربة تكساس لكيفية الاستفادة من الطاقات النظيفة لتصدير الإمدادات إقليميا أو عالميا، وعدم الاكتفاء بها محليا فقط، هذا إذا نجحت الطاقات النظيفة فى أخذ الدور الواسع والعالمى للطاقات الهيدروكربونية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved