(إيباك) تحييكم!

فهمي هويدي
فهمي هويدي

آخر تحديث: الأحد 4 أبريل 2010 - 9:34 ص بتوقيت القاهرة

 بعدما وجه اللوبى الصهيونى فى أمريكا التحية لمصر لإقامتها السور العازل مع قطاع غزة تمنيت أن أرى حمرة الخجل على وجوه الذين احتشدوا للدفاع عن فكرة السور بدعوى أنه ضرورى لحماية أمن مصر القومى! استعدت سيل المرافعات التى نشرتها صحفنا القومية فى هذا الصدد، وحلقات الحوار التليفزيونية التى جند لها نفر من الخبراء الذين حاولوا إقناعنا بأن مصر قررت أن تقيم السور لدرء المخاطر التى تهددها «من الجانب الفلسطينى بطبيعة الحال»، وكان السؤال الذى خطر لى هو: هل ندم هؤلاء واستشعروا خجلا بعدما اكتشفوا أنهم إما خدعوا أو أنهم كذبوا علينا وانفضح أمرهم الآن؟

لقد نشرت جريدة «الشروق» «فى 24/3» على الصحف الأولى أن اليوم الثانى من المؤتمر السنوى للجنة العلاقات الإسرائيلية للشئون العامة «إيباك» المنعقد فى واشنطون شهد إشادة واسعة بإجراءات مصر لضبط حدودها مع قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ ثلاث سنوات.

فى هذا الصدد أثنى روبرت ساتلوف على فكرة الجدار الفولاذى الذى تبنيه مصر على طول حدودها مع غزة لوقف عمليات التهريب عبر الأنفاق، وقال: إن مصر التى هى شريك إسرائيل فى السلام اتخذت ببناء السور مواقف ناضجة وواضحة وشجاعة، وهى على وشك الانتهاء من آخر مراحل بناء ذلك السور الذى يقيم حاجزا بين سيناء وغزة، وهو ما يضيق الخناق على حركة حماس «المسيطرة على القطاع منذ يونيو 2007». وهى خطوة مهمة نحو إحداث تغيير داخل قطاع غزة، وطبقا لتقرير مراسل «الشروق» فى واشنطون، فإن هذه العبارات استقبلت بتصفيق شديد من جانب عناصر اللوبى الصهيونى المشاركين فى المؤتمر.

الرجل كان صريحا ولم يخف شيئا. إذ اعتبر أن إقامة السور تتم فى إطار الشراكة بين مصر وإسرائيل، وبمقتضى هذه الشراكة قدمت مصر لإسرائيل تلك «الخدمة» لتضييق الخناق على حركة حماس فى غزة، بهدف إحداث تغيير داخل القطاع، إما بثورة الفلسطينين على حماس أو باستسلام الجميع وتركيعهم إزاء أحكام الخناق بما يفوق قدرتهم على الاحتمال. وذلك كله يصب فى صلب المصلحة الإسرائيلية.

أذكِّر فى هذا الصد بالخبر الذى نشرته صحيفة «المصرى اليوم» فى 13/9، وذكرت فيه أن وفدا عسكريا أمريكيا برئاسة مدير مكتب التعاون العسكرى بالسفارة الأمريكية بالقاهرة، تفقد شريط الحدود القائم بين مصر وقطاع غزة، واطلع على الأعمال التى ينفذها الجانب المصرى لإنشاء الجدار الفولاذى. وأضاف أن الوفد توجه بصحبة عدد من المسئولين المصريين إلى المنطقة الحدودية للوقوف على المرحلة الأخيرة من الإنشاء.

كما رأيت، فالتحية والتصفيق لمصر من جانب اللوبى الصهيونى فى الولايات المتحدة احتفاء بموقفها «الشجاع» الذى يستهدف تضييق الخناق على حماس وإسقاط قطاعها فى غزة. والمتابعة مستمرة لعملية إقامة السور الفولاذى من جانب مكتب التعاون العسكرى بالسفارة الأمريكية بالقاهرة، وهو ما يفضح ويسقط تماما الزعم القائل بأن السور الفولاذى له علاقة بأمن مصر القومى، ذلك أننا لم نسمع ولم يخطر لنا على بال أن يتحمس الصهاينة فى الولايات المتحدة، أو يعنى مكتب التعاون العسكرى الأمريكى فى القاهرة بضمان أمن مصر أو الغيرة على حدودها، لأن العكس هو الصحيح دائما.

إننى أتهفم دوافع المخدوعين والكذابين والمنافقين فى محاولة التستر على الفضيحة عن طريق الادعاء بأن السور الفولاذى يحمى أمن مصر، لكن ما أعجز عن فهمه هو الملابسات التى تدفع مصر إلى تقديم هذه «الخدمة» لإسرائيل، وما إذا كان الأداء المصرى فى هذه الحالة بناء على اتفاقات غير معلنة، أم أنه «تطوع» من جانب مصر يمارس لتنفيذ سياسات لا نعرف مصدرها أو مقاصدها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved