صمت العرب فى إسرائيل

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الخميس 4 أبريل 2019 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

أعلن المكتب المركزى للإحصاء أخيرا أن نسبة العرب الذين يحق لهم الاقتراع تصل إلى 16%. لو صوت هؤلاء بنسبة تشبه تصويت اليهود فإن ذلك يساوى فى حساب تقريبى 19 مقعدا. ولو كانوا «تحركوا بأعداد هائلة» نحو صناديق الاقتراع ــ كما كذب نتنياهو فى سنة 2015 ــ لكان من الصعب عليه جدا تأليف حكومة. ولو كرروا ذلك فى 9 إبريل، لكان فى مقدورهم إسقاطه.

فى ضوء ذلك، بالاستناد إلى استطلاع نشرته هذا الأسبوع «هاآرتس»، فإن معدل تصويت العرب فى الانتخابات المقبلة يمكن أن ينخفض إلى 50%. وبحسب الاستطلاعات الأخيرة، فإن تمثيل «حداش ــ تعل» و«راعم ــ بلد» سيكون أقل بمقعد أو مقعدين من 13 مقعدا حصلت عليها القائمة المشتركة التى وحدت بينهما. فى حال حدوث ما هو أسوأ، وهذا معقول جدا، ولم تفلح راعم ــ بلد فى اجتياز نسبة الحسم، فإن 3 ــ 4 ممثلين إضافيين من التمثيل العربى سيختفون، ومعهم ستزول فرص حدوث انقلاب فى الحكم.

طبعا هناك أسباب كثيرة ومتعددة، وجزء منها مفهوم أيضا، لنسبة التصويت المنخفضة فى القطاع العربى. وبحسب عدة استطلاعات، نحو 10% من الناخبين سيمتنعون من التصويت لأسباب أيديولوجية: التصويت فى انتخابات الكنيست هو نوع من الاعتراف بدولة اليهود. وكثيرون خاب أملهم بأداء القائمة المشتركة التى أدى تأليفها إلى ارتفاع معتدل فى نسبة التصويت فى الانتخابات، وكثر آخرون غاضبون بسبب تفكك القائمة. وبخلاف نسبة التصويت العالية فى الانتخابات الماضية، العرب فى إسرائيل يشعرون بأنهم معزولون فى الكنيست الإسرائيلى، وهم لا يتوقعون منه أن يفكر فيهم أو أن يهتم بحاجاتهم.

وكما جاء فى افتتاحية «هاآرتس» فى الأمس، لليهود دور مركزى فى قمع تصويت العرب. التحريض الذى يمارسه نتنياهو ضد العرب حولهم إلى منبوذين، وإقرار قانون القومية عمق الإحساس بالإقصاء وعدم الانتماء. الأحزاب الصهيونية المؤهلة نظريا إلى الفوز بمقاعد مهمة من الجمهور العربى ــ بينها حزب أزرق أبيض لـ«بنى جانتس» الذى يتنافس على الزعامة ــ تتجاهل هذا الجمهور، فى الأساس بسبب الخوف من لسان نتنياهو الذى يمكن أن يصورهم كمتعاونين. الرد الطبيعى للعرب: لا نريد، لا ضرورة، سنبقى فى المنزل.

دفاعا عن موقفهم، فى إمكان العرب أن يتذكروا الانتخابات التى جرت فى العقد الماضى. فى انتخابات 1999 التى جرى خلالها انتخاب رئيس الحكومة مباشرة، وصل حينها تصويت العرب إلى 75% وأغلبيتهم صوتت لإيهود باراك. وعلى الرغم من ذلك، أدار باراك ظهره لهم. بعد مرور عام على ذلك، خلال أحداث أكتوبر 2000، قتلت الشرطة 13 متظاهرا عربيا، الشرخ تحول إلى صدع، ونتيجة ذلك انخفضت نسبة تصويت العرب ــ ومنذ ذلك الحين لم تعد إلى ما كانت عليه سابقا.

على الرغم من ذلك، فإن امتناع العرب من ممارسة حقهم الديمقراطى وقدرتهم الاقتراعية أمر محير ومخيب للأمل فى آن معا. وبدلا من تصويت جماهيرى للقطاع العربى من شأنه أن يشكل صفعة لنتنياهو ويحول رسائله العنصرية إلى نبوءة تحقق ذاتها، فإن التراجع فى نسبة تصويت العرب فى الانتخابات القريبة سيحقق أحلامه.

غياب التصويت العربى هو بمثابة تقديم السلطة إلى نتنياهو على طبق من فضة. ذلك بأن العرب يؤذون أنفسهم بالدرجة الأولى، وأيضا دولتهم، وبالقدر عينه الجمهور اليهودى الذى يؤمن بإخلاص بقيم الاندماج والمساواة والمصير المشترك التى يحتقرها نتنياهو ويتآمر عليها. بناء على ذلك، ومع كل التفهم لأزمتهم الخاصة، فإن التاريخ لن يسامحهم على ذلك.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved