يا نساء العالم.. اتحدن!

جميل مطر
جميل مطر

آخر تحديث: الإثنين 4 مايو 2009 - 5:37 م بتوقيت القاهرة

 أنصح الرجل الذى يريد أن يعرف عن المرأة أكثر مما يظن أنه يعرف أن يشارك فى مؤتمر للنساء بشرط أن يكون الرجل الوحيد فى المؤتمر أو واحدا من عدد محدود جدا من الرجال. يأكل ويشرب معهن ويتناقش ويتمشى ويسهر على مدى أيام المؤتمر ولياليه. فما البال إذا وقع اللقاء فى أجمل بقعة على كورنيش الإسكندرية وفى مبنى شيده عام 1925 تاجر أخشاب سويدى وتوارثته أجيال عدة حتى وصل إلى أيدى حكومة السويد. هذه بدورها عادت به إلى ما كان عليه تحفة معمارية نادرة وسلمته إلى المعهد السويدى للدراسات.

***

كان موضوع اللقاء صورة الرجل عند المرأة وصورة المرأة عند الرجل. تداولن حول صورة المرأة عند الرجل، والرجل هنا هو الرجل العربى. كان هدف المشاركات «تصحيح» هذه الصورة، ووسيلتهن للتصحيح هى الإعلام. أما صورة الرجل عند المرأة ففى الرأى الغالب صورة مشتقة من صورة المرأة عند الرجل. يعتقدن أن الصورة المتكونة لديهن للرجل تعتمد على موقف الرجال منهن عبر العصور والثقافات والأديان، هذه الصورة لن تتغير إلا إذا تغيرت أفعال الرجال ونظرتهم إلى المرأة.

***

تقول إحدى الروايات إن الصينيين يتهمون المرأة بأنها كانت السبب فى أفول العصر الذهبى فى تاريخ الصين. يحكى أن آخر امبراطور فى أسرة ZHOU التى بلغت أوج عظمتها خلال الألفية السابقة على ميلاد المسيح، كان يحب إحدى محظياته وتدعى باو سى SI BAO حبا يفوق الخيال. ساءه وعكر حياته وبالتالى حياة الأمة أنها كانت دائما عابسة ومكتئبة، فما كان منه إلا أن خصص جائزة كبرى لمن ينجح فى إدخال البهجة إلى قلبها، ولو للحظة واحدة. وبالفعل تنافس المتنافسون وأبت المرأة إلا أن تبقى حزينة إلى أن اقترح أحد المستشارين إقامة حفل صاخب تطلق فيه الصواريخ والألعاب النارية.

وعندما بدأ الحفل ظن الجيش المكلف بحراسة العاصمة أن الأعداء يستعدون لدخول العاصمة إذ كانت الألعاب النارية الإشارة المعتادة للتحذير من اقتراب قوات العدو. وعندما عرف الجيش أن حفلا صاخبا أقيم لإسعاد المحظية المفضلة عاد إلى ثكناته. فى تلك الليلة عادت الابتسامة إلى وجه المحظية وعلى الفور أمر الامبراطور بأن يتكرر الحفل كل ليلة. وفى ذات مرة، تعالى الصخب والضجيج وإطلاق الألعاب النارية كالعادة، ولم يتحرك الجيش، ليكتشف فى اليوم التالى أن الأعداء دخلوا العاصمة ودمروا قصر الامبراطور وأسقطوا الامبراطورية وكانت نهاية العصر الذهبى. والسبب امرأة كما تقول كتب تدريس التاريخ.

***

وتقول الأسطورة اليابانية إن الأقدمين، أى حكام وكهنة ما قبل ألفى عام، أصدروا «فتوى» تحرم على النساء الصعود إلى قمة جبل فيجى المقدسة خشية تدنيسها. كذلك نقل المترجمون العرب عن فكر تلاميذ أرسطو الاقتناع السائد وقتذاك فى فلسفة الإغريق أن «المرأة كانت رجلا وتشوّه». ويعرف المطلعون على نصوص بوذية أن المرأة فى عرف تلك الأيام، أى قبل مئات السنين، ورد ذكرها باعتبارها «مبعوث جهنم إلى الأرض». وفى أصول القانون القديم كان يشار إلى المرأة «كطفل شرير ضخم الجثة». وفى القرن التاسع عشر اشتغل العلم والعلماء على إثبات أن جمجمة المرأة أقل وزنا من جمجمة الرجل ومخها أصغر حجما.

وفى الهند كما فى شرق أفريقيا كانت المرأة تحرق نفسها أو تنتحر هى وأولادها بتسميم الطعام عند طبخه إذا مات زوجها أو شعرت بنقص فى رضائه عنها.

***

على الوجه الآخر، نجد الإغريق فى مرحلة قصيرة من حضارتهم يخصصون للنساء من الآلهة مكانة مرموقة. ونجد فى الأديان تطورا لافتا للنظر. إذ لا يوجد أدنى شك فى أن الأديان كلها، خاصة فى مراحلها ونصوصها المبكرة، أعطت للمرأة ما تستحقه من تكريم واعترفت لها بما قدمت للإنسانية وللأديان والأخلاق. نعرف أنه كانت مع السيد المسيح نساء بين حوارييه قبل أن يغفل مؤرخون وكهنة هذا الجانب عند إعادة كتابة تاريخ تأسيس الكنيسة أو فى مراحل لاحقة. ونعرف أن آلاف النساء سقطن شهيدات على أيدى الرومان وغيرهم دفاعا عن الدين الجديد. وتشهد كتب اليهود على بطولات بين نساء بنى إسرائيل وأدوارهن فى بناء الدين ثم دعمه والمحافظة عليه بعد ذلك عقيدة وقومية. ونعرف عن أم المؤمنين خديجة ومسلمات أخريات دورهن فى نشر الدعوة وتثبيت دعائمها. وبعد ذلك، وفى معظم الحالات كانت إنجازات النساء تنسب لرجال أو يقلل من أهميتها. وفى هذا كتبت الشاعرة آن براد شيت التى عاشت فى القرن السابع عشر تقول: « ما أنجزته لن يعترفوا به.. سيقولون إنه مسروق، أو جاء بمحض الصدفة».

وتنقل هيلارى مانتل فى عرضها لمؤلف مارلين فرنش ذى المجلدات الأربعة تحت عنوان: «من حواء إلى الفجر.. تاريخ النساء»، قول فرنش «إن ناشطات فى حركة حقوق المرأة يتهمن الرجال بأنهم حين يطلبون من المرأة البقاء فى المنزل وعدم الخروج إلى العمل بحجة أنها ضعيفة وطاهرة ونقية، إنما يفعلون ذلك لأنهم يعرفون جيدا أن المرأة أذكى من الرجل وأنشط وأكثر وفاء فى العمل، وأنها ستنافسهم وتحتل وظائف هى من نصيبهم».

نساء أخريات يتهمن الرجال بأنهم يدفعونهن للعمل ليزداد دخل العائلة دون بذل جهد إضافى من جانب الأزواج. يقلن إن الرجل لم يعد العائل الأوحد وبالتالى لم يعد يستحق بعض حقوقه عندما كان عائلا أوحد.

***

من ناحية أخرى، لا تخفى نساء رأيهن أن الرجال ليسوا وحدهم أعداء المرأة، إنما النساء أيضا . فالنساء هن اللاتى دفعن الرجال ليتصرفوا معهن على النحو الذى تصرفوا به طوال التاريخ إما خوفا منهم أو لتحميل الرجال مسئولية حمايتهن والدفاع عن أولادهن .

 صاحبات هذا الرأى يسقن دليلا قويا وهو أن قضايا المرأة العربية لا تحظى بالاهتمام من جانب الكثرة النسائية العاملة فى الإعلام. يقدمن دليلا آخر وهو إحجام النساء فى كل دول العالم عن التصويت للنساء المرشحات وتفضيلهن الرجال عليهن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved