تجدد الملفات الأساسية

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الأربعاء 4 يونيو 2014 - 7:55 ص بتوقيت القاهرة

هناك حكم جديد فى مصر، له تأييد شعبى، ويُعلق مؤيدوه الآمال عليه، ويعبرون عن الثقة فيه، بينما هناك فريق آخر خليط من قوى إسلامية، وأخرى توصف بالثورية تقف موقف الرفض له، وبينهما طرف ثالث يترقب، ويقيم الأمور وفق مصالحه الخاصة. وفى الهامش يظهر قطاع من المجتمع، أيا كانت نسبته العددية، يندهش، ويتحير، وينتظر ما سوف تسفر عنه الأيام.

أمام الرئيس الجديد قضايا تحتاج إلى حسم مبكر لأنها تتعلق بالهندسة السياسية للحكم، أكثر ما تتصل بالسياسات المتغيرة..

أولا: التحيز الاجتماعى. الحكم الجديد ليس له حزب سياسى يعبر عنه، ويستند إلى تأييد جماهير تؤمن به، إلا أنه ينبغى أن يكون له «تحيز اجتماعى» لطبقات أو فئات فى المجتمع. الانحياز للفقراء يقتضى تفكيك اقتصاد الاستغلال، أما الإبقاء على المنظومة القائمة فهو انحياز مستبطن للأغنياء على حساب الفقراء. وما يتردد عن مناورات بين المال والسلطة الجديدة، أيا كان حجمها أو صحتها، تكشف أن مسألة التحيز الاجتماعى للحكم مصيرية بالنسبة للطبقة المهيمنة اقتصاديا منذ عقود، ولم يقترب منها الحراك الثورى طيلة ثلاث سنوات.

ثانيا: الإسلام السياسى. الحكم الجديد فى منطلقاته يعلن أنه لا وجود للإخوان المسلمين، وهناك قوى سياسية تؤيد ذلك، ولكن الإسلام السياسى له جمهوره، ويضم أطيافا متنوعة، بعضها يعادى ثورة 30 يونيو، ويمارس العنف بأشكال مختلفة، وبعضها مثل «حزب النور» فى خصومة علنية معهم، ويستمد حضوره السياسى من وجوده فى صيغة 3 يوليو 2013م، ما الموقف الاستراتيجى للحكم القادم تجاه قوى سياسية ترفع لواء الإسلام السياسى بصرف النظر عن تعدادها وثقلها فى الشارع؟ رؤساء سابقون مثل عبدالناصر، والسادات، ومبارك قدموا ثلاثة صيغ: إحداها المواجهة، والثانية الاستيعاب، والثالثة الاحتواء الأمنى حينا وعقد الصفقات حينا آخر، وجميعها بالمناسبة كان لها وعليها فى نفس الوقت، أى صيغة سيمضى فيها الحكم الجديد؟

ثالثا: الحريات العامة. قضية متجددة مستمرة فى مجتمع البعض فيه لا تشغله قضايا الحريات العامة مثل الخبز والأمن، والبعض الآخر يضع هذه القضايا فى المقدمة، ويرى أنها دعائم بناء أى نظام سياسى يعقب ثورة شعبية، فما بالك بنظام سياسى جاء فى أعقاب ثورتين؟ الشعور بأن هناك قيودا على حرية التعبير، أو استهدافا لنشطاء، أو القبضة الإلكترونية التى أثيرت منذ أيام، كل ذلك يطرح تساؤلات مهمة ينبغى الإجابة عنها لتحديد توجهات الحكم الجديد.

رابعا: الشفافية والمساءلة. هذه قضية تتعلق بالتنمية، ونزاهة جهاز الدولة البيروقراطى. وتقتضى الرؤية التنموية للحكم الجديد إصلاح جهاز الدولة، ومواجهة الفساد، واختيار القيادات على أساس من الكفاءة والمقدرة الإدارية، وتمكين المواطن من ممارسة دوره الرقابى على المال العام، وأسلوب ممارسة الوظيفة العامة، وصنع السياسات العامة.

أربع قضايا أساسية، لا تواجه النظام الجديد وحده، فقد سبق أن واجهت الحكومات السابقة التى أعقبت ثورة 25 يناير، فشلت جميعها متعللة بطبيعتها المؤقتة، غير المنتخبة، وعندما جاء رئيس منتخب هو محمد مرسى لم يتمكن من الإنجاز، وجاءت رئاسة جديدة، وتجددت القضايا، ربما أكثر وضوحا الآن، والحسم فيها يُنتظر أسرع من ذى قبل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved