الفوضى القادمة!

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 11:55 ص بتوقيت القاهرة

خلعنا مبارك فى 18 يوما، وفشلنا فى خلع نظامه على مدى أكثر من سبعة أشهر.. مبارك سقط لأنه كان متوسط الذكاء وبلا خيال سياسى، ويتفاخر بأنه يتميز بالعناد، ولو كان استجاب لمطالب شباب الثورة فى بداية مظاهراتهم بإقالة عدد من وزرائه على رأسهم حبيب العادلى، وضحى ببعض رموز نظامه وأحالهم للجنايات بتهم الفساد، لاستمر هو فى الحكم حتى الآن، وهو يستمتع بنفاق كتابه وصحفييه الذين سيكتبون الملاحم فى حكمته وعبقريته والتصاقه بمطالب الجماهير..!

 

أما رجال نظامه فقد فهموا قواعد اللعبة الجديدة، ولأنهم كانوا اكثر ذكاء بكثير من ولى نعمتهم فقد أيقنوا، بعد أن فشلوا فى القضاء على الثورة بالقوة فى «موقعة الجمل»، أن الأساليب الملتوية هى التى ستحميهم وتحمى مصالحهم بعد سقوط كبيرهم، وأن نظرية الفوضى وغياب الأمن واختفاء الشرطة، ستهيئ لهم الفرصة لإعادة إنتاج نظام مبارك فى ثوب جديد، يحافظون فيه على روح دولة مبارك وفلسفتها، ليتوفر لهم المناخ لزيادة ثرواتهم واستعادة نفوذهم القديم خطوة خطوة..!

 

فلول الوطنى نجحت فى تكوين 8 أحزاب جديدة حتى الآن، وفريق آخر منهم يتآمر لدخول أحزاب كبيرة من أبوابها الخلفية والترشح على قوائمها لانتخابات مجلسى الشعب والشورى، وفريق ثالث تحوم حوله الشبهات فى تمويل «مؤسسة الفوضى» بنشاطاتها الرائجة فى مصر، بانتظار معركتهم الكبرى فى مساندة مرشحيهم فى الانتخابات القادمة..

 

وتتزامن تحركات هذه الفلول، مع شعور عام لدى جميع المصريين الآن، بأن الأهداف التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير أصبحت فى مهب الريح، وأن عمليات تقليم أظافر ثوارها تجرى على قدم وساق، كما يدرك الجميع أيضا أن حكومة د. عصام شرف برخاوتها فتحت الباب لكى تتسلل سياسات مبارك إلى حياتنا من جديد، وكأن الثورة قامت لتزيح مبارك فقط عن السلطة وتبقى على ممارساته واختياراته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية، بعد أن أكدت حكومة شرف بكل ممارساتها، أن عقلية مبارك لا تزال تساهم بنصيب وافر فى صنع القرارات المهمة فى مصر الثورة..!

 

الكرة الآن فى ملعب المجلس العسكرى، الذى ينبغى أن يدرك أن عليه بناء بيئة دستورية وتشريعية وقانونية تحقق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لملايين المصريين، وهو ما لن يتحقق إلا باتخاذ الخطوة الأولى فى هذا الاتجاه، بإصدار قانون العزل السياسى، حتى لو كان عصام شرف نفسه أول ضحاياه، وإجراء التعديلات الواجبة فى قانون الانتخابات بما يحول دون عودة رجال مبارك إلى مؤسسات حكومة الثورة، ولتشكيل ــ وهو الأهم ــ برلمان يمثِّل كل القوى السياسية الفاعلة فى المجتمع، ويكون مؤهلا لإعداد الدستور الجديد، لا أن يكون برلمانا مشوها تدب فى أوصاله الفوضى التى نكتوى بنارها فى هذه المرحلة.

 

ما ينبغى أن يدركه الجميع، أن التلكؤ فى تحقيق أهداف الثورة، سوف يفتح الباب أمام موجة غضب دامية، ربما تشعل ثورة بطعم الفوضى، لا أتصور أبدا أنها ستكون سلمية..!

 

mesmat@shorouknews.com

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved