هل نحن بحاجة إلى حلقة جديدة فى الحرب العالمية ضد الإرهاب؟

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: السبت 4 أكتوبر 2014 - 9:50 ص بتوقيت القاهرة

 نشرت مجلة نيوستيتسمان البريطانية مقالا للكاتب مهدى حسن ينتقد من خلاله فكرة أن الخيار العسكرى من شأنه القضاء نهائيا على تنظيم داعش الإرهابى. جاء فى المقال أنه من الصعب الاختلاف مع حكم أوباما. فقد أعلن الرئيس الأمريكى فى خطاب متلفز فى العاشر من سبتمبر أن إرهابيى داعش «متفردون فى وحشيتهم.

فهم يستعبدون النساء ويغتصبونهن ويكرهوهم على الزواج. كما أنهم هددوا أقلية دينية بالإبادة. وفى أعمال تتسم بالهمجية، أنهوا حياة صحفيين أمريكيين، هما جيم فولى وسيتفين ستولوف». (فى 13 سبتمبر قطعوا رقبة موظف المساعدات البريطانى الشجاع ديفيد هينز).

ووصف الكاتب تنظيم داعش بالشر، حثالة، أسوأ الأسوأ. وإنها طبقا لعبارة أوباما فريدة فى الوحشية. ولكن على الرغم من ذلك فليس من الصعب الاختلاف مع الحل المقدم من الرئيس وأصدقائه من المحافظين الجدد. فقد قال ديك تشينى نائب الرئيس الأمريكى السابق: «نحن فى حرب «و» لابد أن نفعل ما يقتضيه الأمر، مهما استغرق من وقت، لتحقيق الفوز».

وأضاف حسن قائلا: لننسى للحظة مشروعية قصف العراق دون موافقة الكونجرس، أو قصف سوريا دون موافقة الأمم المتحدة. ناهيك كذلك عن أخلاقية إلقاء القنابل من على ارتفاع 5 آلاف قدم على مدن فى شمال العراق مكتظة بالمدنيين. القضية الأكبر هى أن العمل العسكرى يمكن أن يجعلنا نشعر بإحساس أفضل عن أنفسنا، بل يمكن أن «يحط من شأن» داعش لكنه لا «يقضى» عليها (حسب مصطلح أوباما المفضل). فكيف سيقضى إسقاط القنابل على أيديولوجيا مليئة بالكراهية تقف وراء الجماعة الإرهابية؟ وكيف ستمنع الضربات الجوية المقاتلين الأجانب من العودة إلى أوطانهم فى الغرب لينفذوا هجمات انتقامية؟ وكيف سيمنع قتل السُّنة العراقيين الأبرياء «على خطوط المواجهة» داعش من تجنيد مقاتلين جدد وغاضبين من داخل المجتمعات السنية العراقية؟ وكيف ستسفر صواريخ كروز عن حكومة شاملة فى بغداد، تلك الحكومة التى تعالج الصدوع القديمة ين الأكراد والشيعة والسنة وتشجع السنة على أن يديروا ظهورهم لداعش، كما أداروها للقاعدة فى عامى 2006 و 2007؟ وكيف سيساعد إرسال طائرات بدون طيار توليد هوية مدنية قومية تجعل العراقيين يشعرون بأنهم متحدون كشعب واحد، وليس كجزء من رقعة تضم قبائل وطوائف متحاربة؟ لو «أفلح» القصف، لكان العراق قد تحول إلى يوتيوبيا على الطراز الاسكندنافى منذ زمن بعيد. مع تذكر أن أوباما الفائز بجائزة نوبل للسلام هو رابع رئيس أمريكى على التوالى يظهر على الهواء مباشرة على شاشات التليفزيون كى يعلن توجيه ضربات على العراق. وكذلك أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسقطون القنابل على أفغانستان وباكستان واليمن وليبيا، وبلدان أخرى، منذ عام 2001.

مع ذلك فطالبان اليوم متمردة فى كل من أفغانستان وباكستان، بينما تفتح القاعدة فروعا جديدة لامتياز إرهابها فى الهند. وليبيا فى فوضى حيث تتنافس الميليشيات للسيطرة والحكومة فى المنفى تختبئ على متن معدية سيارات يونانية. وتولد الضربات الجوية الأمريكية، طبقا لما قاله مسئول سابق بالسفارة الأمريكية فى صنعاء، «حوالى 40 إلى 60 عدوا جديدا مقابل كل فرد «من القاعدة» تقتله الطائرات بدون طيار».

كما ذكر الكاتب ما قاله تشاس فريمان، السفير الأمريكى السابق فى المملكة العربية السعودية فى شهر يوليو: «من الصعب التفكير فى المشروع الأمريكى فى الشرق الأوسط الذى لم يصل إلى طريق مسدود أو يقترب من ذلك. نادرا ما تلجأ الولايات المتحدة إلى الدبلوماسية فى حل الخلافات الكبيرة... فالإجراءات القمعية كالعقوبات والقصف أكثر مُرضية من الناحية الانفعالية على نحو أكثر فورية من مسيرة الدبلوماسية الطويلة المجهدة.» وكما جاء مؤخرا فى تغريدة للاقتصادى وكبير مستشارى الأمم المتحدة جيفرى ساكس: «لدى الولايات المتحدة سياسة خارجية رتيبة: القصف».

واستطرد حسن قائلا، تواجهنا خرافة العنف التعويضى، أى الاعتقاد بأن تطبيق القوة الجوية المتفوقة عادل ونبيل وضرورى بشكل مطلق. فالانتقام لفولى وستولوف وهينز، ناهيك عن آلاف السوريين والعراقيين غير المعروفين الذى قتلتهم داعش، أمر مفهوم. ومع ذلك فالانتقام ليس بديلا عن الاستراتيجية القابلة للبقاء. واستشهد الكاتب بما قاله ريتشارد باريت، رئيس وحدة مقاومة الإرهاب السابق فى جهاز الاستخبارات البريطانى M16 فى مقابلة أخيرة، عن أنه من الخطأ النظر إلى الضربات الجوية على أنها «أداة سوف تحل مشكلة «الدولة الإسلامية».. إنها الوصول إلى المطرقة فحسب لأنها مطرقة وسوف تساعد».

•••

فى نهاية المقال أوضح الكاتب أن عدم وجود خيارات جيدة فى العراق لا يعنى أنه يتعين علينا اختيار أسوأ خيار؛ ووصف الخيار العسكرى بالخيار المجرب والفاشل. حيث إن الضربات الجوية يمكن أن تبعد مقاتلى داعش عن أربيل، لكنها لا يمكن أن تقضى عليهم. كما أن هناك سلسلة من الخطوات السياسية التى لابد من اتخاذها. من ضمان مشاركة السنة فى الحكومة العراقية الجديدة إلى اتخاذ إجراءات صارمة بشأن مبيعات النفط التى تقدر بمائة مليون دولار فى الشهر والتى تمول تنظيم داعش المرعب. وبعد ذلك هناك الحرب الباردة الإقليمية التى ساعدت فى إذكاء نار الحروب الساخنة فى العراق وسوريا. وأوضح ريتشارد باريت أن جعل المملكة العربية السنية وإيران الشيعية تجلسان على طاولة التفاوض سيكون له «أثر «على العراق» أكبر بكثير من الإقلاع وإسقاط القنابل». ولا يمكن التحدث إلى داعش لكن من الممكن التحدث إلى المملكة العربية السعودية (وفيما يتعلق بهذا الأمر، إلى تركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة. وإيران كذلك.) فالإيرانيون يمكنهم الضغط على الحكومة المختلة وظيفيا، ويمكن أن تفعل المملكة العربية السعودية الشىء نفسه مع القبائل السنية الساخطة التى تحالفت مع داعش.

ولكن فى المقابل، يعد أوباما، بدعم من ديفيد كاميرون، لحملة عسكرية جديدة لمدة ثلاث سنوات بقيادة الولايات المتحدة عبر البلدين ضد البلطجية ورجال العصابات التابعين لداعش، على الرغم من أن 13 عاما مما يسمى الحرب على الإرهاب. الممتدة من أفغانستان إلى باكستان إلى العراق إلى اليمن وليبيا إلى الصومال. أسفرت فقط عن المزيد من الحرب والمزيد من الإرهاب. فهل نحن بالفعل نريد حلقة جديدة؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved