البابا فرنسيس.. الضمير الحى

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: الأحد 4 أكتوبر 2015 - 6:30 ص بتوقيت القاهرة

زيارة قداسة البابا فرنسيس للولايات المتحدة الأمريكية، والأربعة والعشرون خطابا التى ألقاها، بما فيها خطابه أمام الكونجرس الأمريكى، وآخر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نفس يوم إلقاء الرئيس السيسى خطابه أمامها، أحدثت دويا كبيرا فى هذا المجتمع دون أن يتلفظ بكلمة سلبية واحدة على أحد أو أى دولة بل كان صوت الضمير الإنسانى المشتاق إلى الحرية والعدالة والمساواة والتضامن الأخوى، ويحذرنا البابا أنه فى أثناء محاولتنا التحرر من العدو الخارجى قد نقع فى تجربة تغذية العدو الداخلى بالحقد والعنف والطغاة والقتلة بل يجب أن تكون إجاباتنا إجابة رجاء وشفاء وسلام وعدالة .

يستشهد البابا بكلمات يسوع «افعل للآخرين ما تود أن يفعلوه لك» (متى7 / 12) هذه القاعدة الذهبية تطالبنا بأن نعامل الآخرين بنفس العاطفة والحنان اللذين نود أن نعامل بهما، ونساعد الآخرين على النمو، إن أردنا الأمان فلنعط الأمان وإن أردنا الحياة فلنعط الحياة وإن أردنا الفرص فلنؤمِن الفرص. فبالكيل الذى نكيل به للآخرين هو نفسه الذى سوف يكيل به الزمن لنا.
وعن البيئة وقبل شهرين من مؤتمر باريس للبيئة يقول قداسته: «إننا بحاجة إلى حوار يجمعنا كلنا، لأن التحدى البيئى الذى نواجهه، وجذوره البشرية، تعنينا وتهمنا جميعا وأدعو إلى جهد شجاع ومسئول لإعادة توجيه خطواتنا».

لقد حان الوقت كما يقول البابا لخلق «ثقافة الرعاية» ومقاربة متكاملة لمحاربة الفقر ولإعادة كرامة إلى المنبوذين والحفاظ على الطبيعة فى الوقت نفسه».

علينا أن نكون فى خدمة الحوار والسلام ونصمم حقا على الحد من الصراعات المسلحة وعلى إلغائها. لماذا تباع الأسلحة؟ من أجل المال ـ مال ملطخ بالدماء ـ دماء الأبرياء أمام هذا الصمت المخجل، من واجبنا أن نضع حدا لتجارة السلاح .

لايمكننى أن أخفى قلقى على العائلة، التى هى مهددة أكثر من ذى قبل من الداخل والخارج، لقد تم التشكيك بالعلاقات الأساسية، والأسس التى يقوم عليها الزواج والأسرة، أما الشباب فمحاصر فى متاهات بلا رجاء،  تتسم بالعنف والإحباط وسوء المعاملة، علينا أن نواجهها سويا ونبحث عن حلول فعالة بدل الغوص فى المناقشات .

يمكن لدولة أن تعتبر عظيمة حين تدافع عن الحريات، وتعزز ثقافة التسامح للناس، وحين تناضل من أجل العدالة وقضايا المظلومين ثمرة إيمان يصبح حوارا ويزرع سلاما. هذه بعض الكلمات القوية التى قالها البابا هناك، ولكنها تعنينا نحن أيضا هنا، فهو صوت الضمير الحى الذى يصرخ فى برية قلوبنا حتى تتحرك وتعى وتميز وتعمل وتساعد.

يذكر أن البابا اعتلى السدة البطرسية منذ عامين ونصف العام مدشنا إصلاحات كبيرة، فهو أول بابا من أمريكا الجنوبية وبالتحديد من الأرجنتين، وابن لعائلة إيطالية مهاجرة إلى هناك، وهو مهندس كيميائى، وراهب يسوعى ينتمى إلى التيار الإصلاحى فى الكنيسة ليس فى تغيير العقائد والثوابت، ولكن له لغة جديدة وخطاب دينى جديد فى فهم صميم الدين، والتركيز على محبة الله للإنسان، والرحمة بين الناس، والسلام الداخلى والخارجى لكل إنسان .

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved