مناخُ بنات الأغنياء والفقراء

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الجمعة 4 أكتوبر 2019 - 10:35 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب محمد عارف، نعرض منه ما يلى:
يرى الكاتب أنه إذا كان فى العالم طفلة على الجمعية العامة للأمم المتحدة الاستماع إليها فهى ليست السويدية «جريتا تونبرج»، بل واحدة من كل خمسة أطفال فى العالم من ضحايا الحروب، حسب تقرير المنظمة العالمية «أنقذوا الأطفال». هذه الوقائع المروعة تتوجه إلى الفتاة السويدية «تونبرج» بسؤالها نفسه الذى كررته على زعماء العالم «كيف تجرءون» على تهديد الأرض ومستقبلنا، فيما يُقتل 420 مليون طفل بسبب غزو العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا واليمن وفلسطين والسودان والصومال، وبينهم نحو مليون طفل لم يبلغوا الخامسة من العمر؟ ويرى الكاتب أنه لو جاءت الفتاة السويدية إلى قاعة الأمم المتحدة بألف أو مائة فقط من بنات العرب والمسلمين المقعدات والمشوهة أبدانهن لبدا سؤالها «كيف تجرءون؟» أكثر جرأة، ولما أثار سخرية الرئيس الأمريكى الذى وضع فوق لقطة من خطاب «تونبرج» أمام الأمم المتحدة تغريدة تقول: «تبدو شابة سعيدة جدا تتطلع نحو مستقبل رائع وباسم!».
ويقول الكاتب أن «جريتا» تجهل أن تراكم غازات الكربون فى الجو ناتج عن إحراق وقود النفط مصدر ثروات لا تنضب، تلتقطها تكنولوجيات جديدة، وتحولها إلى مواد بناء أو تستخرج منها طاقة خضراء. «الوكالة الدولية للطاقة» أعلنت أن اتفاقية باريس للمناخ لا يمكن تحقيقها دون استخدام تكنولوجيات التقاط وخزن غازات الكربون فى محطات إنتاج الطاقة. وقد شرعت شركة النفط العالمية «إكسون» باستخدام هذه التكنولوجيات منذ سبعينيات القرن الماضى، وتذكر أنها التقطت بواسطتها وخزنت 40% من كميات غازات الكربون المطلقة. وتستخدم «إكسون» تقنية «خلايا الوقود» غير المكلفة لالتقاط الكربون من المواقع الصناعية الكبيرة ومحطات الطاقة.
ولا يزال موضوع تغير المناخ العالمى على صعيد الدردشة العالمية، كما كان عندما كان الكاتب يغطى مؤتمراته العلمية مطلع تسعينيات القرن الماضى، موضع خلافات وصراعات سياسية واقتصادية وعلمية. آنذاك انتهز الكاتب فرصة حديثه مع عالم الفضاء اللبنانى مصطفى شاهين، رئيس علماء مختبر وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، ورئيس الهيئة الدولية لقياس حرارة الأرض والرطوبة، وحول سؤاله عن تغير المناخ العالمى إلى السؤال عن احتمال وجود كواكب أخرى مسكونة بالكائنات الفضائية فى الكون، وسُر عندما انطلق شاهين فى الحديث عن ذلك. ولو لم يغادر شاهين الحياة لسأله الآن عن مكائن عملاقة ابتكرها السويسريون تلتقط غازات الكربون المنبعثة عن حرق وقود النفط وغيرها من الغازات الدفيئة المتراكمة فى جو الأرض، وتحولها إلى أحجار لتبليط الشوارع والمبانى. ويحقق التقاط غازات الكربون أهم أهداف اتفاقية باريس للمناخ العالمى لوقف درجات الحرارة العالمية عن الارتفاع أكثر من درجتين مئويتين. والتكنولوجيات السويسرية تمتص، كالأشجار، غازات ثانى أوكسيد الكربون من الجو مباشرة، أو من محطات الوقود. وتُعرض الغازات الملتقطة للحرارة التى تعكس عملية إطلاق الغاز، ثم تُضغطُ غازات الكربون الملتقطة وتمزج بالماء وتدفنُ تحت الأرض، حيث تتحول خلال سنتين إلى حجارة بازلت. مصانع تجريبية عدة لذلك أقيمت فى سويسرا وإيسلندا وكندا، ويلتقط أحدها نحو 900 طن من ثانى أوكسيد الكربون سنويا، ويعادل هذا إطلاق 200 سيارة. وللمقارنة يطلق العالم حاليا 40 مليار طن مترى سنويا.
ويقول الكاتب أن الدردشة العالمية حول الموضوع تعيده إلى «قمة الأرض» فى ريودى جنيرو بالبرازيل عام 1992. آنذاك اتعبته الخطب المطولة لزعماء العالم، فغادر قاعة الاجتماعات بعد كلمة «كاسترو» رئيس كوبا، الذى التزم بالوقت المحدد خمس دقائق، ووجد خارج مبنى القمة مروحيات الحراسة التى غادرت مثله إلى شاطئ «كوباكبانا» على المحيط الأطلسى، تُحوِم على علوٍ منخفض من الشاطئ. هناك ردد قول الشاعر بابلو نيرودا: «فلنكن كرماء بنسيان أولئك الذين لا يستطيعون أن يحبونا».

الاتحاد ــ الإمارات

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved